لا نريد أن تكون عملية التدوير الوظيفي متماثلة مع عملية تدوير المخلفات، لهذا قد يتطلب الأمر خصوصية ترشيح وانتقاء مختلفة أمام مرحلة انتقالية جديدة يعيشها الوطن ولن يكون من المجدي فيها الاعتماد على قاعدة توظيف بيانية ثابتة بينما تتحرك معايير الإدارة والتوظيف في العالم بأكمله.
ومن الملاحظ مؤخراً أن تعزيزات قبلية ووساطات استثنائية ووجاهات غير نافذة تحاول الحفاظ على مصالحها عبر تطبيق المبدأ القانوني (يبقى الحال على ما هو عليه لحين استيفاء الأدلة)! والحقيقة أن بقاء الحال على ما هو عليه سيؤدي إلى توسع رقعة الجريمة وليس إلى استيفاء الأدلة المؤدية لحدوثها، لأن القتلة والمفسدين وأرباب النوايا السيئة سيبقون في مناصبهم التي خولتهم للتمكن من الفساد لدرجة الوصول إلى الانتفاع به كأداة تضغط باستمرار على مصادر القرار وتؤدي إلى انحراف مسار العملية التنموية اقتصادياً واجتماعياً إلى حيث يرمي هؤلاء مقاصدهم المشوبة بالخيانة للوطن ثم لهذا المجتمع الذي يفشل حتى اللحظة في تحديد اتجاهه الحضاري بناءً على اقتحام دائرة الغموض السياسي وانتزاع فرصة التحديث التي ستكون مخرجاً حياً لمشهد الموت الذي طال تصويره على شاشة الواقع اليمني، موت العزيمة والضمير والانتماء والرغبة في التغيير إلى الأفضل.
إن عملية التدوير الوظيفي يجب أن تبقى واضحة أمام الجمهور بكل تفاصيلها وخطواتها والتزاماتها، لأنها ستكون اللبنة الأولى في جدار انهيار الفساد الإداري داخل أسوار الوطن وخارجه أيضاً وفق نظرية الانعكاس الإيجابي، لهذا يجب أن تسير هذه العملية بلا أدوات قتالية ولا نوايا سيئة، فالوطن هو المستهدف الأول في نجاح هذه العملية واستمرارها، بحيث يعلم كل مسؤول أن من أسمى مهامه الوظيفية وضع الجزء الناقص من الصورة حتى تكتمل لوحتنا الوطنية وقد جمعت من كل لون وشكل وفئة وطيف فائدة تعزز من توجهنا القوي نحو الاستقلال التكتيكي المتكامل عن بنية السياسة وما تتطلبه من حركات ارتجاعية معرقلة لمسارنا الحضاري..
ولا ينبغي أن يفهم المقصود من عملية الحذف والإضافة الوظيفية أن يحصل أرباب المسؤولية على جرعتهم من الفساد وكأن هذه الوظيفة صفقة تجارية، بل يجب أن يحمل كل منهم في باطنه وعلى ظاهره رسالة الوطن الحديث الذي يمنح للقانون سيادته الفعلية ودوره المناسب حتى لا يبقى من يرتكب جرائم الفساد أو الدعوة إليه خارج دائرة المحاسبة ودون هيبة الاقتدار الحكومي.
نريد أن نلمس الفرق في كل دوائرنا الحكومية ومكاتبنا التنفيذية ومحاكمنا القضائية على مختلف مهامها، نريد أن نرى وجوهاً وطنية جديدة تجلس على مقاعد المصلحة الوطنية لتؤدي مهامها الوظيفية ثم ترحل مخلفة أطيب أثر وأروع سيرة، لا نريد مسئولاً بلصقة أصمغ إنجليزي!، نريد مسئولاً بعقلية والتزام إنجليزي.
ألطاف الأهدل
معركة التدوير الوظيفي 1933