اليوم ذكرى مولد النور والجمال محمد صلى الله عليه وسلم .. لاشيء يضاهي جمالك سيدي ولاشيء يقف أمام بهاء روحك التي يترنم بها الكون وتتغنى بها الكائنات المسبحة ليلاً ونهاراً, يا رسول المحبة وهل بحر الحب إلا لديك (لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا) فما بال قوم يدعون محبتك وهم رسل الكراهية والبغضاء. ؟ (من فجع هذه بفراخها) يقول لأصحابه عندما سمع صوت الطير المفجوعة بفراخها, كيف عرف أنها تبكي إن لم يكن منبع الرحمة ورسولها الكوني.. إحساس لو ارتشف منه كل أدباء الدنيا وشعرائها العظام لكفتهم ...الرحمة بالطير والإنسان والحيوان هي رحمة تخرج من مشكاة واحدة , الإحسان للإنسان لمن تعرف ومن لا تعرف, الرحمة والإحسان ( لكل ذي كبد رطب صدقهة), لكل ذي حس وإحساس, لا فرق بين القريب والبعيد والإنسان والحيوان.. يدخل احد العصاة الجنة بشربة ماء أنقذ بها (كلباً) شارداً يهيم من العطش , وتدخل امرأة النار في (هرة) حبستها لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من حشائش الأرض.. أين (متفلسفو) وفلاسفة حقوق الإنسان والحيوان, من يرقصون على جماجم الأطفال ويقتلونهم وهم في أحضان أمهاتهم أو في طوابير الخبز والماء ...بعضهم يسندون ذلك باسمك سيدي ولا يخجلون ...سيدي يا رسول الله التواضع ومحاربة الكبر سمة رسالتك (يحشر المتكبرون يوم القيامة مثل الذر يدوسهم الناس بأقدامهم) أو كما قال (صلى الله عليه وسلم ).. في يوم نصره العظيم لم يطلق خيله ورجاله للاستعراض على خصومه دخل على مكة فاتحاً ورأسه يلامس ظهر دابته تواضعاً, لم ينتقم ولم يشمت ولم (يلعن) خصومه, وأعدائه ... عمد إلى زعيم المشركين حينها (أبى سفيان بن حرب) وقال (من دخل بيته فهو آمن.. ومن دخل بيت أبي سفيان فهو امن ) هذا عدوه لم ينزع سلاحه بعد, لكنه الحرص على كرامة الإنسان ونشر رسالة التسامح وقيمة العفو... هؤلاء من حاربه وآذوه .. وشردوه من مكة وقاتلو عمه وأصحابه ..بين يديه.. لم يشكل محاكم عاجلة وإنما قال قولته التي سرت معطرة الزمان والمكان ماذا تظنون أني فاعل بكم قالوا خيراً أخ كريم وابن أخ كريم ....قال ..اذهبوا فأنتم الطلقاء ) وقبلها وفي قمة المحنه عندما شردوه إلى الطائف ومنعوا دخوله وجسده يسيل دماً لم ينتقم ولم يغتنم فرصة العقاب, بل قال (اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون ) واتجه بكربته وحاله إلى الله بدعاء ينعش الروح ويخفف الكرب ويونس الليالي الموحشات إلى آخر الزمان ( اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس ..أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ؟ أم إلى عدو ملكته أمري, إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ..أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل علي سخطك.. لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك).
في ذكراك يا سيدي نشكو إليك من يريد أن يتحول إلى صنم يعبد باسمك وأنت يا سيدي من بعثت من أجل الكرامة الإنسانية والحرية والمساواة ومحاربة التمييز (أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب, إن أكرمكم عند الله اتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى – ألا هل بلغت....اللهم فاشهد).. رسالتك ضد الاستعلاء والتمييز على أساس اللون والعرق, دعوة عالمية للناس كافة, فكيف تستقيم مع من يريدها (قرشية) أو(هاشمية) تستعبد العالم المؤمن وتحكمه على أساس عرقي وسلالي, تقزم الإسلام وتقسم الناس إلى (أبناء أصول وقليلي أصل) وسادة وعبيداً .. خروجاً عليك وعلى رسالتك العالمية التي لم ترسل للملك الفردي أو الأسري وإنما لهداية الناس كافة ,.. ولأنها نبوة وليست (ملكاً) فقد قلتها أمام قريش وهي تعرض عليك الملك كله (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه) ألم تقل هذا ..نحن نعلم وهم يعلمون ولكنهم قوم يستكبرون ولكنهم قوم يجهلون ..وهنا لا يسعنا إلا أن نردد وتدعو أمام كل هذا الجهل ( اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون).
أحمد عثمان
عذرا يا سيد الكائنات 1752