لأنه يصدر عن من ينشد السلام ويدعو إلى الحرية والعدالة والمساواة بين الناس، يصدر عن من يجب أن يحمي ويرعى فإذا به يهتك الستر ويضيع الرعية، يأتي ممن لديه الحجة والمحجة والكتاب والسنة، يأتي ممن اصطفاهُ الله فرداً من خير أمة، يأتي من راعٍ وأب، وأمٍ وجد، وأخٍ ورفيق، ورفقاء طريق.. إرهابنا غير، لأنهُ خالف كل تعاليم الشريعة واستخدم الحضارة كأسوأ ذريعة..
حتى وصلنا إلى هذا المخاض العسر من أسوأ فتراتنا التاريخية التي تسبق ولادة يمن جديد. أليس هذا العنف الزوجي والأبوي والأخوي الذي تعانيه بيوتنا إرهاباً؟ أليس هذا العنف الاجتماعي المتمثل في تمزيق وسائل الاتصال الطبيعية بين أفراد المجتمع إرهاباً؟ أين هي حقوق الجوار التي تقرب المسافات وتجمع الشتات وتلغي وجود الخلافات؟ ما الذي أوقعنا في هذا المأزق المعقد من اشتباك النوايا وصراع المقاصد؟.. تأملوا في تلك العلاقة الشائكة بين الراعي والرعية، هل هي علاقة عادلة؟ سواءً كان الراعي رئيساً أو وزيراً أو قائداً عسكرياً أو أباً أو أماً أو معلماً أو موظفاً مسؤولاً في أي مكتب حكومي وسواءً كانت الرعية شعباً أو وزارة أو جيشاً أو أسرةً وطلاباً أو معاملين يجب أن يحصلوا على خدمة وطنية معينة، تأملوا في ظاهرها وباطنها، هل هي علاقة حق وعدل؟.. لهذا نقول إن إرهابنا كمسلمين غير، لا يقوم على تفخيخ سيارات أو ارتداء أحزمة ناسفة أو اغتيال رموز سياسية هامة فقط، بل يتعداه إلى تفخيخ المستقبل بالعنف وارتداء أحزمة مشحونة بسوء النية واغتيال الإنسانية وإحراق التاريخ البشري الحافل بالانتصارات أمام أعين البشر..
إرهابنا غير، لأننا وصلنا إلى هذا القرن من عمر الحياة البشرية ولازالت المرأة تعاني، وفي ظل غطاء إسلامي، من الظلم والسيطرة والتسلط، لازالت تعاني من نظرة الاحتقار والاستصغار والدونية، لازالت تشكو من اضطهاد اجتماعي مركب لا يراها إلا عارية..
فأين هي حقوق المرأة في منظمات مجتمع دولي ومدني ترفع شعارات الحرية والعدل والمساواة ولازالت المرأة على مقاعدها محرومة من حق الاستقرار الأسري والعاطفي؟ وكل ما فعلتهُ تلك المنظمات أن دعت المرأة للتفسخ والاختلاط وفهم المفاهيم الديمقراطية أو استيعابها بالمقلوب.. إرهابنا إرهاب منظم، محلي وخارجي، جملة وتجزئة، كبير ووسط وصغير، ملون وعلى خمسة ريال يا رعوي.. إرهابنا غير، لأننا تركنا الكتاب وتمسكنا بكتلوج الديمقراطية دون أن نستوعب معناها الحقيقي أو نطبق مفاهيمها الموضوعية، تنكرنا لسنة المصطفى بينما بدأ الغرب يستيقظ لمثالية المفاهيم الإسلامية النبوية في كل جوانب الإدارة المحمدية لشؤون الحياة..
نحن تقريباً نريد نسخة قرآنية مطبوعة على الطريقة الغربية لنعود لتعهد القرآن والتزام تعاليمه ونريد كتاباً يشرخ السنة بالتفصيل يصدر عن البيت الأبيض لنحيي حياتنا الأخلاقية من جديد، ربما، ربما أردنا ذلك، لأننا نعاني من عقدة الأجنبي الذي يتقن كل شيءٍ صنعه، بينما نضيع نحن كل شيءٍ صنعناه.
ألطاف الأهدل
إرهابنا غير.. 1767