في مسيرة الحياة الراجلة التي نبدأ أولى خطواتها كل يوم نحو سوق العمل مختارين أو مجبرين، لا نجد من يدعم إصرارنا على البقاء ضمن مجتمع الحياة والموت في عيون أفراده شيء واحد.. لهذا يُصاب البعض بخيبة أمل طاغية وإحساس باليأس قاتل قد يدفعه للهروب من الحقيقة إلى الباطل والتمسك بقشور المعتقد الوطني دون الولوج إلى اللب الذي نرجو أن يصل إليه مؤتمر الحوار، لكن على ما يبدو أن مسلسل التشويش سيستمر طويلاً حتى لا يكتمل النصاب القانوني لمجتمع الحوار وحتى لا يتم التوصل عبر هذا المجتمع المسؤول والمختار بعناية من شرفاء الوطن إلى رؤية مصيرية واحدة.. ولا أعتقد أنه من الصعب اكتشاف تلك الأيادي الخفية التي تعبث بأمن واستقرار الوطن في سعيها الحثيث للاستئثار بثرواته والإبقاء على سريان نفوذها السياسي المحاط بحاشية مأجورة تسعى بشراسة لبذر الفساد من جديد بعد تلك الصحوة الثورة التي وإن بدت غامضة في بعض اتجاهاتها إلا أنها وبكل تأكيد لا تقبل أن تكون الحقبة التاريخية القادمة صورة طبق الأصل عن حقبة سابقة مرفوضة شكلاً ومضموناً مع الاحتفاظ بحق الريادة السياسية فيها لرموز وطنية صادقة وقادرة على صنع القرار وإدارة أزمات الوطن بعقلانية فائقة.. ويبدو أن دفة السفينة ستكون بين أيدٍ واثقة من قدرتها على القيادة، لكنها تعدم حيلة الوصول والتواصل مع الآخر إقراراً لسلامة القصد وتوحيداً للاتجاهات والتوجهات السياسية والفكرية في جميع أنحاء الوطن، البعض يغمره الأمل والبعض الآخر لا يملك إلا أن يبدي قناعته الكامل، بفشل حضور الحس الوطني ضمن مؤتمر الحوار ويجزم أن الوطن آخر ورقة في ملف المؤتمر الوطني الذي نرى فيه كلاً من جزء، بينما يراه آخرون جزءً من كل ومع هذا فلن نختلف في كون الوطن اليوم بحاجة للاصطفاف حول رؤية مصيرية واحدة مهما بدت المسافة بين الطالب والمطلوب شاسعة البون، لكنها تلتقي بفاعلية في نقاط تماس حساسة يرى فيها المفكرون والمحللون السياسيون مخارج معقولة لأزمتنا السياسية والاقتصادية، لأنها ربما حاولت أن تتناول قضايانا الشائكة مباشرة من أطرافها التي بقيت محكومة بالصمت بضع سنين.. إنها المعركة المتكافئة وفقاً لإمكانيات عقلية مدروسة برعاية سخية من قامات وطنية تعرف ما تريد.. وإذاً فلا بد من حوار محكوم بشيء من التوافقية والتواؤم بين جميع أطياف المشهد السياسي حتى لا يكون بقاء إحداها على الساحة على ذمة فناء الأخرى منها.
ألطاف الأهدل
لابد من الحوار العقلاني وإلا... 1764