رغم أن المجتمعات تقوم على أنساق سلوكية وأخلاقية ودينية مشتركة، إلا أنها تختلف وفق تقسيمها الجغرافي في التعبير عن تلك الأنساق وتعاطيها والتفاعل معها من مجتمع صغير إلى آخر لا يكبر عنه كثيراً ضمن شبكة ثقافية مترابطة وثابتة.. يقال مثلاً و"قلد الله من قال" أن الرجل في صنعاء يتزوج نسب المرأة وهذا الشيء موضوع تحت الملاحظة بشكل فعلي، فللنسب لدى المجتمع الصنعاني وزن خاص يرتفع به شأن المرأة لدى الشريك مهما كان تعلمها أو صفاتها الخُلقية "بضم الخاء" أو الخلقية "بفتح الخاء"، لكن لا يعطى لنسب المرأة في مجتمع تعز نفس ذلك الوزن والرفعة في صنعاء لدرجة أن قال أحدهم إن الرجل في تعز يتزوج شهادة المرأة وربما كانت الحالة الاقتصادية إذاً هي من تسيطر على زمام الروابط الأسرية والعاطفية في تعز، لدرجة أن يبحث أغلب الرجال اليوم عن المرأة "الموظفة" وليس "المتعلمة"، لأن الرجل سيضطر لانتظار درجتها الوظيفية طويلاً.. وعلى كل حال هذا ما قاله أحدهم مفنداً طبيعة تلك العلاقة التي تربط بين الرجل والمرأة في مختلف المحافظات بطريقة كوميدية نستسمح القارئ الكريم عذراً إن وجد فيها ما يؤذي مشاعره أو يجرح "حساوسه" على رأي ست الكل زنبقة.
وعلى نفس المنوال يقول صاحبنا إن الرجل في عدن يتزوج روح المرأة وهو بهذا لا ينظر إليها كمادة أو جسد وهذا ما يفسر عدم إقبال أو ندرة إقبال الرجل العدني على الارتباط بأكثر من زوجة، وبينما يحدث ذلك في تلك المحافظات أو المجتمعات الصغيرة في مجتمعنا اليمني الكبير تستمر لغة العرف والعادات والتقاليد في ترجمة أنواع السلوك التي تمارسها الكثير من الأسر في تزويج الفتيات من اشتراط الانتماء للسادة مثلاً أو توفير كيلو ذهب كما يحدث في يافع كمثال آخر، لكن تبقى هناك أسس وقواعد هامة غير قابلة للإطلاق أو التقييد والخاصة بمنظومة السلوك الفردي الذي تضعه الأسر على رأس شروط الاقتران بفتياتها..
وفي الواقع ليس الحديث عن طبيعة المجتمعات الصغيرة سالفة الذكر بعيداً عن الحقيقة أو قريباً من التخريف، إذ أن ظروفاً معيشية وتربوية وثقافية معينة لها قدرة تحكم كبيرة جداً في تسيير قواعد أسرية معينة، خاصة فيما يتعلق منها بالزواج أو حتى الانفصال، خاصة في ظل خواء قانوني حاضر بقوة وغياب غير مبرر لسلطة التشريع العملي الذي ينبغي أن يجيد قراءة الواقع بأحداثه المتسارعة وظروفه المتقلبة وفقاً لمقياس التعليم غير الثابت في المجتمع اليمني حديث العهد بالثقافة الالكترونية.. وللقارئ الكريم خالص احترامي سواءً كان في صنعاء أو عدن أو تعز أو أي منطقة مجتمعية على وجه هذا الوطن الحبيب.
ألطاف الأهدل
هُم قالوا... مش أنا.. 2118