نشكو من أزمة سكن كبيرة جداً، ليس بسبب تزايد السكان ولكن بسبب ارتفاع إيجار المساكن وظهور مصطلحات لغوية جديدة ترمز للحداثة في أسلوب البناء مثل مفردة (لوكس) مثلاً وكأن المستأجر كان يعيش في إسطبل قبل أن يفكر بتغيير موقع سكنه لأسباب وظيفية أو مادية أو أمنية أو أي أسباب أخرى، أو كأن الـ(لوكس) يبقى لوكساً إلى الأبد.. والغريب أن يتفق المؤجرون ومكتب العقار على لغة مادية واحدة توحي بتحديد تسعيرة خرافية لكل شقة على حدة بحسب مرافقها الصحية وحجراتها التي تشبه زنازين السجون، وفي النهاية انضم المؤجرون وأصحاب الملك لقائمة الـ(هوامير) الساحة الاقتصادية وجبابرتها من تجار المواد الغذائية وأصحاب شركات الأدوية وسواهم ممن يبرعون في استلهام المحن واستغلال الأزمات لصالحهم بمنتهى الخساسة والفجور وما يزيد الطين بله، كما يقول المثل، أن يدخل سماسرة المساكن في وسط المعادلة الفاشلة ليكون المطلوب من المستأجر التالي: (إيجار شهر كامل + إيجار شهر إحتياطي "ديبازي" + أجرة سمسار) والمحزن في الأمر أن تكون أجرة السمسار تساوي إيجار شهر كامل.
شخصياً حاولت أن أترك عناء البحث عن منزل جديد لسمسار يعي مواصفات المنزل الذي أريد، لكنني كنت أصاب بخيبة أمل قوية جداً حين يأتي بعكس المواصفات التي أريد تماماً وكأن لهؤلاء السماسرة لغة تعامل خاصة مبنية على التضاد والمعاكسة، فحين طلبت إلى أحدهم أن يبحث لي عن منزل نظيف، حديث، قريب من الطريق العام، ذي تهوية جيدة ولا يزيد سعره عن كذا كـذا ألف ريال و.. وجدته ياتيني ببيت قذر، قديم، بعيد تماماً عن المواصلات، ولا يحصل على حصة جيدة من أشعة الشمس وضوئها، فقلت له حينها: الآن أضفت معلومة جديدة إلى معلوماتي، إن للسماسرة لغة تفاهم خاصة تبدأ كل جملة فيها بـ(حرام طلاق..)، فهم يحلفون بالطلاق في كل صفقة بما يعادل وزنها من الآثام والأيمان والأكاذيب.. وعندها فقط قررت أن أبحث عن منزلي الجديد بمفردي ولازلت أفعل.. لكن التساؤل عن أجور الشقق السكنية ومن يحددها وهل هناك قوانين تضبطها.. كل هذا أتمنى أن أجد له جواباً، خاصة والكل يعلم أن المساكن والمواد الغذائية والمشتقات البترولية والأجهزة المنزلية والأدوية، في ارتفاع مستمر على مدار العام الواحد، بينما تبقى رواتب الموظفين ثابتة أعواماً لا تتحرك من خانة الجوع والفقر والحاجة، فهل لنا بمن يجيب عن هذه التساؤلات، ومن هي الجهة التي يجب أن تضبط أسعار الشقق السكنية؟!.
ألطاف الأهدل
أزمة سكن أم أزمة سُكان؟ 1577