تعددت وتنوعت أشكال الخمار الإسلامي الذي نرتديه في مجتمعنا كعقيدة أو كعادة كما يراه ويتحدث عنه البعض, لكن التقليعات الأخيرة التي حولت جناحي النسر إلى جناحي فراشة مغدقة عليه بالزينة ومسرفة فيه بخامات قماشية تصف جسد المرأة أكثر مما تخفيه وتكشف عنه أكثر مما تستره, كل هذه التقليعات الخرافية جعلتني أتساءل بقوة: هل هناك مخطط للقضاء على حجاب المرأة في اليمن كونها من البلدان التي لاتزال ترى في الحجاب مادة عقائدية مرتكزة على اعتبارات تشريعية وقيمة متزنة؟ ولماذا التركيز بالتحديد على أخلاقية تتفاوت من امرأة لأخرى؟! لماذا الإصرار على أن ينحسر الحجاب الإسلامي حتى يصبح قطعاً متجاورات؟! وما الهدف من جعله بهذه الرمزية المستهدفة؟!.
أخر صرعات الخمار ذلك الذي يشبه جناحي الرجل الوطواط (بات مان)، فبعد أن كان الخمار يشمل الرأس واقصد بالخمار الجلباب الذي كان يبدأ من الرأس شاملاً الكتفين وساتراً ما يمكن أن يبدو ببروز ملحوظ من جسد المرأة، أصبح يبدأ اليوم من الكتفين ملتفاً حول الساعدين مبرزاً بعض لحم المرأة بعناية، كأنه مهيأ خصيصاً للفت الأنظار حولها، خاصة حين يحاك وفق تخصيرة مائلة تصف القوام بعناية، ثم ينسدل ببخل شديد وكأنه ثوب لراقصة باليه لا يكاد يخفي هضاب هذا الجسد ولا سهوله الخصبة بالأنوثة.
أحد بائعي العباءات واثناء تواجدي لديه بغرض شراء عباءة جديدة يقول: (هذا آخر موديل, اسمه القذافي) فقلت مباشرة رحم الله أموات المسلمين ولماذا هذه التسمية يا ولدي؟ فأجاب: لأنها تشبه عباءة القذافي التي كانت تميزه!.. كم نحن مبدعون في المحاكاة والتقليد, وكم نحن مبتكرون ومجددون لكن فيما لا يجدي أن نجدد أو نبتكر فيه, اختصرنا الجلباب حتى أصبح ما كان يكسي امرأة واحدة يستخدم اليوم لكساء ثلاث نساء أو أربع، بينما مناهجنا الدراسية جامدة وراكدة وضحلة ومستعصية على الاستيعاب وتخلو من الابتكار في طريقة توصيل المعلومة ومع هذا تبقى على ما هي عليه دون تجديد.
الغريب هذا الانجراف غير المسبوق من قبل المرأة اليمنية في اتباع الموضة وارتداء ما نشعر أحياناً أنه فستان سهرة وليس عباءة أو بالطوه الغاية منه إخفاء المفاتن والزينة، فإذا به الزينة والفتنة بعينها.. ولعلي أشفق على بعض الشباب – هداهم الله – حين أرى أحدهم يدقق النظر في الفتيات ما بين مقبلة ومدبرة ثم يتنفس بعمق شديد وألم جزيل وكأنه يحتسي كأس الحسرة لبقائه دون زواج وقد أكل الدهر على مفرقه وشرب!، أشفق على أبنائي الشباب من هؤلاء الفتيات والنساء اللاتي يعلمن عقوبة هذه الفتنة ثم نجدهن يطالبن وعبر صفحات الفيسبوك بالتصدي لكل من يتحرش بالمرأة!، فمن يقنع هؤلاء النسوة أن جمال اللؤلؤ في أصدافه المصونة ولذة العسل في شهده المحصن بجيوش النحل وجمال الزهرة في كونها محمولة على غضنٍ يافع وليست معروضة على الرصيف؟! من يقنع هؤلاء النسوة بأنهن السبب الوحيد والأوحد لانتشار التحرش بالنساء؟!.. لا أملك إلا أن أذكرهن بأن البادئ أظلم وأسأل الله للجميع الهداية والسداد.
ألطاف الأهدل
خمار (بات مان)! 1909