;
ألطاف الأهدل
ألطاف الأهدل

مرايا عمياء! 2100

2012-12-26 09:48:29


على حافظة الثياب في حجرتي تنتصب مرآة مزخرفة بأزهار خشبية منحوتة بشكل جميل وكلاسيكي جداً تذكرني شكلاً ولوناً بصالونات الشرق القديم المستوحاة من حضارة الغرب التي تمجد القطع الكلاسيكية وترى فيها كنوزاً لا يقدر لها ثمن.. لكنني أتذكر دائماً قول أختي: مرآتك عمياء! لأنها وبكل بساطة تختبئ خلف تلك الزخارف ولا تكاد تبين!.. وعلى هذا فأنا لا أعتمد النظر في المرآة كل يوم، لكنني أستمتع بجمالها الذي يغرقني بالدفء خاصة وأن لها لوناً خشبياً محروقاً أحبه كثيراً من بين أغلب مقتنياتي المنزلية والشخصية، لأني أحب مادة الخشب وأرى في خاماتها المتعددة جمالاً ما بعده جمال.. كلمة أختي تلك التي تحب المرايا الضخمة والمترفة في الاتساع والامتداد في جهات الدنيا الأربع تجعلني أفكر في كلمة كتبتها منذ أعوام عديدة "إن أرواحنا هي من تظهر في المرايا أمام أعيننا فذلك الألق الجميع الذي يحيط بنا أحياناً يأتي من الداخل وهو أمر لا تستطيع أن تفعله مساحيق التجميل، كما أنه من المستحيل أن يكون من صنع المرايا، ولأني أشعر أن لي روحاً دافئة محبة للحياة أكتفي دائماً بمرآة صغيرة جداً بحجم الكف، أصلح عبرها فوضى زينتي وضجيج ألوان التبرج على وجهي كما تفعل أكثر نساء العالم، ثم أكتفي بذلك القدر اليسير من العبث بالوقت وأنصرف لما هو أثمن، غير أنني أبقي مشاعري رهينة لتلك التفاصيل الدقيقة التي تهمس بها مرايانا ولا يتحدث عنها الناس من حولنا حتى تكاد تكون المرآة شاشة عرض رائعة لزوايا وجوهنا التي تتغاضى عنها عيون الآخرين، ثم أجدني أستدرك في مشاعري لألج رغماً عني في مقارنة بين المرآة كسطح جامد والمرأة ككتلة إنسانية متحركة ترى في المرآة ضرورة لبقائها بذلك البهاء البراق!.. وفي حديث لا تسمعه أذن الناس أراني أصغي لحوار بين المرآة والمرأة حتى تغمرني ابتسامة مكرٍ وكأني أشهد لقاء ضرائر يقفن إلى جوار رجل واحد، المرآة قد تكون صديقة لتلك المرأة التي تعلم أن الأيام لا تعود إلى الخلف أبداً بينما قد تكون عدوة لامرأة تتذكر كل شيء حدث في حياتها ماعدا تاريخ ميلادها!.. حوار مشحون بالإثارة، لأنه سلسلة من المفاجآت الدقيقة والسرية التي لا تحدث على مستوى الواقع بين امرأتين مهما كان التواؤم بينهما قائماً، ثم تسترخي سريرتي حين ينتهي الحوار بينهما بمعاهدة سلام دولية قائمة على تبادل المنافع والخبرات سرياً ودون أن يشعر بهذا بعض أعداء المرآة والمرأة، كالرجل والزمن والشيخوخة وغيرها مما يمكن أن يعكر مزاج امرأة أو يثير حفيظة مرآة تعلم أسرار كل من يقف أمامها وتبقى صامتة!.. كثير من النساء يتحولن أمام شركائهن إلى مجرد مرآة صامتة، ترى هفواته وتشهد على زلاته وتراقبه بصمت وهو يخضب شارباه بالسواد ليوقع النساء من حوله، بينما لا ترى إحداهن منه ما تراه هي من شيخوخة فاجرة مصبوغة بالتصابي والجموح.. بين المرآة والمرأة حكايا طويلة لا ينصت لها الناس وهم يمرون أمام هذه أو تلك بدهشة أو ابتسامة سوى أن كلاً منهما تبقى شاهد عيان على وجود الأخرى!.
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد