يصل بنا التطرف أحياناً إلى طريق مسدود من المواجهات التي تهدف لتصفية حسابات قديمة وفتح الباب لأزمات مفتعلة جديدة ومهدفة، بل ربما وصل بنا هذا التطرف مداه، فبنى في قناعاتنا زوال الآخر وإحلال الأنا المجنونة محله وهذا وراد في سياسة الإخضاع والمنع التي يتبعها البعض باغين بها ومتبغين وجه الحاكم ورضاه!.. في قراءة عابرة لاوتوجراف (دفتر مذكرات) ابنتي الصغرى وجدت عبارات كثيرة متطرفة كان منها ما جعلته عنواناً لهذا المقال، فقد أشبهت حالاً ومآلاً ما يحدث اليوم على ساحتنا السياسية من فوضى نفسية وأخلاقية عارمة أضاعت معالمنا اليمنية الأصيلة ووضعتنا في سلة مهملات عامة تضج بشتى أنواع النفايات.. لسان الحال غني عن الوصف والتدقيق، فقد بدا واضحاً للعيان مساحة الخلاف الشاسعة بين فرقاء السياسة في الوطن وكنا نعتقد أن شيئاً من الحب وبعضاً من التنازل سيصلح أمر هذا الوطن لكن يبدو أن الوطنية في نظر هؤلاء صفة كريهة يجب الحرص على عدم التخلق بها وأما الحب والتنازل لأجل مصلحة العامة فهو ضعف واحتيال على مشاعرهم التي لم نلمسها يوماً على أرض، الواقع منذ أن بدأت النسور تحلق على أرض الوطن حتى انتهى الأمر إلى اتباع سياسة (التفقيس والتفريخ) داخل الساحات وخارجها.. ومع أن همة الشباب لن تسمح بتكرار الماضي وتلطيخ وجه الحاضر بالانحناء والعمالة والترويج، إلا أن الحذر واجب من أن يتم بيع الثورة وفق آلية التطرف سابقة الذكر على من لا يراها ثورة ولا يعترف بها طريقة للتغيير.
(نقتتل ولا ننفصل)! هو عنوان هذا الفصل الذي بدأ مؤخراً في توجهات مطالبة بالانفصال والأمر يشبه أن يكون للمرء جسد بلا رأس أو رأس بلا جسد وفي كلا الحالتين لا وجود للروح دون وجود متكامل للجسد.. الحديث عن الانفصال أشبه بالحديث عن خرافة ليس لها في دنيا المعقول وجود، رغم اعترافنا بحجم التعقيد الذي وصلت إليه قضيتنا الجنوبية، إلا أننا نؤكد أن هذا التعصب والتطرف لن يخدم الوطن بشيء، بل قد يؤدي إلى الاصطفاف حول قضايا سياسية سابقة ليس لها وجود على أجندتنا السياسية المتواضعة وغير القادرة على لم الشتات العرقي والمناطقي، إضافة إلى عدم قدرتها على استيفاء مجتمع مدني متكامل ومتوازن سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً دون الحاجة لمحاولة إلغاء الآخر بالقوة أو تهميشيه أو استدراجه إلى هاوية القرار اللا مسؤول.. نحن على أبواب مرحلة سياسية جديدة كلياً عن مراحل الحكم في اليمن ولا أعتقد أن هذا الانقسام في الرأي سيكون منصفاً لملايين يتوقون للوصول إلى مرحلة استقرار حقيقية لا يكون فيها للمسكنات المؤقتة أي دور انتهازي يهدف إلى تمكين البعض وإقصاء آخرين.. لقد طال انتظار هذا الشعب من أجل الحصول على وطن حتى أصبح نصف الشعب يعيش ما بين غربة الخارج وغربة الداخل وبينما يحدث ذلك تبقى السياسة بقراراتها الجائرة مجرد حلبة لتصفية الحسابات بين من لا يجيد القراءة ومن لا يستطيع الكتابة!.
ألطاف الأهدل
نحترق ولا نفترق!! 2030