تصر بعض النساء على التعامل مع الرجل كنحلة لا تحمل أحشاؤه إلا العسل, لكنها في غمرة ذلك تتراخى عن أن تكون زهرة تزوده بحبوب اللقاح حتى تكون شريكته في احتساء شراب الفائدة والنجاح, وهذا حقيقة يعوق الوصول إلى تحقيق مبدأ الشراكة الأسرية الذي يعتبر اللبنة الأولى في حصن الشراكة المجتمعية بين رموز المجتمع كافة سواءً كانوا أفراداً أو جماعات وسواءً كانوا ينتمون إلى مؤسسات أولم يكونوا كذلك.. تلك الشراكة الأسرية التي أتحدث عنها لا تخص الجانب المادي الذي يرى فيه البعض أو الكثير نقطة تماس حساسة جداً ضد الرجل ولصالح المرأة, كون القوامة
المادية في يد الرجل أصلاً وشرعاً وعرفاً, لكن ما عنيته أن يفوق ذلك بمجمله ويتسلل إلى أعماق الرجل والمرأة كزوجين ينبغي على كل منهما أن يمنح الآخر زاده من وقود الحياة, فلا يجب أن يتساهل أحدهما باحتياجات الآخر من الحب والرعاية والوفاء وحسن التواصل فكرياً وعاطفياً وجسدياً, فالحب لا يعني مطلقاً ذلك النشاط الحميمي بين الزوجين بالرغم من أهميته بالنسبة لكليهما, إنما هناك مشاعر أخرى يجب أن يكون كلاهما حاذقاً في إيصالها للآخر دون استخدام وساطة مادية أو جسدية, بل لربما كان لكلاهما أولويات تفوق الحاجة إلى ذلك النشاط الحميمي, والحياة من حولنا متخمة بأولويات تفوق ما نتحدث عنه بكثير.. ولهذا نقول دائماً بأهمية التوافق المعنوي بين الزوجين, لأنه قاعدة هامة لبناء التوافق الفكري ومن ثم السلوكي الذي تقل على خط أعداده نسبة التقاطع الانفعالي, بل قد تتحول إلى توافق انفعالي وهذا يحدث في أعلى درجات الانسجام والتواؤم بين الزوجين فكرياً.. وليس من الغريب إذاً أن تشير دراسات أوروبية وأمريكية كثيرة إلى أهمية إشباع الاحتياجات الفكرية المختلفة لدى كلا الزوجين, لأنها تسهم إيجاباً في إحداث النضج الحسي والعاطفي لديهما وترفع من قدسية الرابط الزوجي وتحثهما على إعطاء الآخر حقه في التعبير عن ولائه الأسري بطريقته الخاصة..
وعلى المرأة أن تدرك ذلك وأن تعي أهمية أن تكون حاذقة في لعب الدور المناسب في الوقت المناسب, وأن هذا لا يقلل من كونها زوجة في واقع الأمر, فأن تكون المرأة صديقة وأماً وأختاً لهذا الزوج لا يلغي أبداً كونها زوجة ولها حقها في التعبير عن موقفها من سلوكيات الزوج سلباً أو إيجاباً, ولكنني أتحدث عن حقيقة تتجافى عنها كثير من النساء وهي أن الزواج لا يعني تقييد إمكانيات المرأة المادية والعاطفية وإطلاقهما تماماً لدى الرجل, بل هو عملية إطلاق لكافة المهارات الإنسانية المكتسبة قبل الزواج والتي تساهم الحياة الزوجية في صقلها وتلميعها وتقديمها بطابع شخصي وحميمي جداً.. كوني أماً متى ما شعرتي أن هذا الطفل الكبير لا يحتاج في لحظة ما إلا لوجود أم, على أن لا تتهاوني (كأم) في استخدام أداة العقاب المناسبة مع هذا الطفل دون أن تشعريه بموقعك على مساحة اتخاذ القرار, ولا تترددي من أن تكوني صديقة متى شعرتي أنه يعاني بعض الوحدة بالرغم من وجودك كزوجة بين يديه وتذكري دائماً أن النحلة تصنع العسل كألذ مذاق في العالم لكنها أيضاً تعمل كجندي يحمل سلاحه نائماً ويقظاً.. فكوني على حذر.
ألطاف الأهدل
هو ليس (نحلة) يا عزيزتي! 1851