كما يحب أحدنا أن يُثري مذاق طعامه أو نكهته برشة بهار حراقة أو ذرة ملح حاذقة وكما يحب بعضنا أيضاً تناول طعامه وفق توليفة خاصة تجمع ما بين الحامض والحلو, الدسم والأقل دسماً, النباتي والحيواني منه, وكما نحب جميعاً أن نرتدي ثيابنا بألوان وموديلات مميزة وفاتنة وناعمة ومعبرة عن شخصياتنا.. فإننا أيضاً نتعاطى مع الحب ونعيشه ونمارسه بنفس هذه المزاجية ووفق تلك الرغبة وعلى هذه الشاكلة, فالحب عند أحدنا له مذاقه الخاص حين يكون مشوياً بالغنج والدلال, وله مذاقه المميز عند البعض حين تهب عليه رياح الاختلاف والائتلاف, وله بريقه الذي لا يختفي عند آخرين حين تغشاه غمائم الهجر والحرمان ثم الوصول والارتواء.
مختلفون حتى في الحب, لأن الحب مادة روحية سلوكية ويجب أن نأخذ جرعتنا الكافية منه لكن تلك الجرعة لا تستوعبها قلوبنا إلا إذا وافقت ألوان أمزجتنا وطبائعنا المختلفة, مختلفون حتى في الحب لأن بعضنا يراه كل شيء وبعضنا الآخر يراه بعضاً من شيء, بعضنا يراه ضرورة, وآخرون منا يرونه مجرد هوى.
مختلفون نحن حتى في فهم المعنى الحقيقي للحب, فمن الناس من يراه نصباً جسدياً عارياً من ثياب العفة, بينما يؤمن آخرون بأن العفة والطهارة كاملة ومشبعة وآخرون يرونه طبق الحلو الذي يكمل لذة تناول الطعام.
والمشكلة حين يكون الاختلاف بين شريكين يعيشان في بيت واحد أحدهما يراه كُلا وآخر يرى في الحب جزءاً من كل, أحدهما تتوقد حواسه إلهاماً وآخر يحيا كقالب ثلج غير قابل للذوبان, قالب ثلج بلاستيكي!.
أحدهما يراه ذرة أوكسجين وآخر يتعامل معه كذرة من ثاني أكسيد الكربون, أحدهما يراه جسراً يحاول عبره العبور إلى قلب الآخر وآخر يرى فيه حجر نهر يمكن أن يساعده على الوصول إلى الضفة الأخرى حتى لو وصل مبتلاً بالماء ومتأخراً بعد فوات الأوان.
قصة الحب في حياتنا أنه يشبه مفعول الدواء الذي يفقد مفعوله إذا لم يستخدم بدقة وحذر, تلك الدقة تعني أن نحرص على أخذ الجرعة سواءً كانت قطرة أو مليمترات سائلة أو جرعة وريدية.. فالمهم أن نحصل على جرعة حب مشبعة ولو بنظرة حانية من عين الحبيب..
أما الحذر فيعني أن تلك الجرعة ولا يجب أن تعطى في الوقت غير الملائم لها, فللحب أوقاته أيضاً حتى لو كان مختصراً في لمسة دافئة واحتواء حميم.. نحن مختلفون حتى في استيعاب تلك الجرعة فبعضنا يراها دواء والبعض منا يراها مجرد مسكن مؤقت لا تكفي لإطفاء حمى الغربة التي يعيشها وحيداً داخل قلبه وجسده.