في الحياة ما يمكن أن نحيا لأجله حتى لو لم نستطع أن نصل إليه, ولئن يتعلق قلب أحدنا بالله ذلك التعلق الذي يجعل روحه طائعة له قبل جوارحه فهذا بعض ما يمكن أن نحياه نحو خالقٍ نرى قدرته ولا نراه, نبصر رحمته عياناً ولا نعرف ما يكون, لكنه يبقى الله لا إلا هو.
بأفواهنا فقط نقول إننا أحببناه وآمنا بكل ما أنزل على رسله وأحببنا خاتم أنبيائه, بينما أفعالنا مرهونة بدنيويه, ضحلة, فاترة, عاجزة حتى عن الإنصات لصوت العقل الذي غذته الفطرة الإلهية بمادة عقائدية ممزوجة بصور سلوكية دقيقة وراقية, داعية لتثبيت الوحدانية الحقة في نفوس البشر.. تخيلت للحظة أنني إن لم أرسم تفاصيل ذاكرتي بأناملي فأنا عاجزة عن فهم ذاتي ذلك الفهم الذي يجعلني أتعلق بقدرتي على فهم الحياة كما هي, ذلك إيماني بأن أفكار المرء من صنع يديه وروحه المطمئنة انعكاس لفكرة التواصل مع الذات, هو ما يجعلني أبحث باستمرار عن وسط راق ومترف وبذخ بالانتماء للإنسانية, ولم أجد ذلك مستحيلاً, لكنه كان صعباً جداً ويبدوا أنني أوشكت على استيعاب فكرة انتزاع الفرص وأوشكت أن أصل, ولعلي قد وصلت إلى تلك المرحلة التي تترتب فيها أولويات المرء مع بعض احتياجاته واقتنعت بأن احتفاظي بإنسانيتي أجمل ما يمكن أن أقدمه لنفسي من أولويات, نحن ننسى في زحمة الحياة أن نتذوق سعادة العطاء واكتشاف مشاعرنا حين نلمس سعادة الآخر ولهذا يطول الطريق جداً حتى يقرع جرس الوصول, فنرى الحياة شاحبة, جافة, وكأنها استعادت وجه الموت لتفزعنا بالرحيل قبل الولوج إلى محطة السعادة.
تستحق الحياة أن نعيشها بارتواء, لأننا وفي كل الأحوال مرغمون قدرياً على البقاء ما دامت صدورنا تضخ بتيارات الذهاب والإياب الأثيرة في كل ثانية, والإبداع ليس في استعراض انتصاراتنا وإنما في استيعاب إخفاقاتنا وتحويلها إلى مناسبات خاصة ومميزة لإطفاء شموع اليأس والتخاذل وإعلان الانتصار على الملأ.
في حياتنا خطوات مغلولة يجب أن نكسر قيودها, بعضها ماتت ذوائبه خجلاً في انتظار فرصة, وبعضها اندثرت معالمه خوفاً من عثرة جديدة وبعضها هده الجهل بأبجدية الوثوب ولهذا يجب أن تكون أفكارنا ملحقة بخيارات الوقوف والسقوط والوقوف من جديد والخروج من دائرة الاستغراق المعنوي واستخدام سياسة جبر الضرر حتى مع تلك المشاعر الضامرة والعقيمة.
يخطئ من يقول أن كل شيء في الحياة يحتاج لاكتشاف, لأننا وعبر سلسلة التجارب اليومية نصنع موسوعة اكتشافات مصورة ونتعرف على أنفسنا عبر ذبذبات استشفافية غاية في الدقة هي من تفصل بين هذه الروح المتقوقعة في شرنقة جسد وفكر يغادر قبة العقل على براق الأحلام والأمنيات ليعود بأنا كبيرة هي نحن وما نشعر به وما يسكن جوارحنا وما يحرك حواسنا من طاقة ذكية تجعلنا نقرأ الحياة كأجمل ما يمكن.. وإذاً ففي الحياة ما يستحق أن نحيا لأجله.
ألطاف الأهدل
في الحياة ما يستحق 2076