في قضايا المرأة تحديداً وما يتعلق بها من حقوق سياسية واجتماعية وثقافية ودينية يقف القانون الدولي والمحلي مدفوعاً أو منصاعاً خلف تشريعات اجتماعية بالية عاجزاً عن توصيف مكانتها الإنسانية, ناهيك عن عدم قدرته على إثراء استحقاقاتها الدستورية بخلاصة التجارب النسائية العالمية التي استطاعت وضع المرأة في مكانها المناسب وفق قدراتها الجسدية والعقلية والنفسية وبما لا يثبط من عزيمتها الفكرية, لأن الاعتراف بدورها الحيوي في إدارة شؤون المجتمع الحديث أمر لا جدال فيه مطلقاً.
لكن عدم قدرة الحكومات على خلق المواءمة الفاعلة بين حق المرأة الشرعي والعرفي والدولي عبر مواثيق ومعاهدات واتفاقيات دولية ترعى حقوقها, هو ما جعل تلك الباقة الجميلة من التشريعات الخاصة بها تقع في سلة المهملات الحكومية التي لا تنجو منها أي ورقة استحقاق إنساني.
لا تبدو مسألة الحوار الوطني اليوم واضحة الرؤية أو حتى محددة المهام, لأنها لا تزال عاجزة عن حشد كافة أطياف المجتمع حول مائدة وطنية واحدة وحسب آلية تحضيرية استثنائية تضمن عدم استنساخ أطراف الصراع السياسي في قالب وطني جديد قد لا يخدم المرحلة القادمة من عمر المرحلة, خاصة ونحن على أبواب تغيرات جذرية وشيكة تشمل نظام الحكم وسلطاته المختلفة, بالإضافة إلى تغيرات اجتماعية وإيديولوجية عميقة جاءت نتيجة لحركة تفاعلية قوية جداً امتطت صهوة الثورة في أكثر لحظاتها حرجاً وأصبحت تدعو لاعتناقها كثوراث تعديلية جانبية لا نعلم لها مرسى.
وعلى كل حال فإن من حق المرأة وعلى طاولة الحوار الوطني أن تعلن عن وجودها بقوة عبر مشاركتها الفاعلة في إظهار أهليتها الكاملة في صنع وتعديل القرار السياسي الخاص بها وبما يأخذ بعين الاعتبار حقوقها الفقهية والمدنية وكل ما يتعلق بها كانسان له حق الحياة الكريمة دون استصغار لحجم مسؤولياتها أو استكبار بحجم حقوقها وهي فقط من سيملك القدرة على إثبات ذلك عبر الدخول الجاد في حماية هذا المجتمع من أي تطرف يمس حقه الإنساني أو هويته الوطنية والذي قد نلمسه اليوم في خطابات واستثناءات واقتراحات مرفوضة تدعو لاقتسام المبادئ والقيم والمثل الإنسانية والالتفاف عليها بأشكال لا أخلاقية تدعو للقلق من ذلك المصير الذي تخبئه المرحلة القادمة وما يترتب عليها من ردود أفعال شعبية موجهة وغير منطقية قد ينهار على إثرها كل هذا المجتمع من قمته الرافضة لوضع النقاط على الحروف إلى قاعدته التي لا تستطيع استيعاب الوضع بشكله المسيس ضد الشعب بالرغم من هذه الانتفاضة العارمة.. لكن يبقى للسياسة ومعاييرها دائماً, فهي تؤمن بالطبقية وتبقى في صف النخبة ولا ترى أنها مجبرة حتى على تحقيق معادلة العصا السياسية, بل إن كل ما تفعله هو كسر مصطلح الشعب لغة وشرعاً, تلك العصا التي تتحول أحياناً وفي ضربة ارتجاعية عاجلة إلى جسد النظام أو الحكومة أو أصحاب القرار..
لا يستطيع أحد سوى المرأة أن يفرض وجود حقها السياسي والمدني والثقافي والاجتماعي, لأن في يدها مفتاح كل ذلك عبر عقليتها غير العاجزة عن إدراك حاجتها لثوب اجتماعي وسياسي جديد يظهر محاسن الديمقراطية والانفتاح على ثقافة العالم مع عدم إغفال خصوصيتها الدينية والاجتماعية.
ألطاف الأهدل
من يفعلها سوى المرأة 2127