يٌقال إن للأبواب الكبيرة مفاتيح صغيرة, تماماً كما أن لكل إنسان وجيه نقطة ضعف بالغة الصغر يمكن أن تكون مفتاحاً لهزائمه أو انتصاراته المميزة.
هو الحال نفسه مع تلك القيم الحسنة أو السيئة التي يعتنقها البعض ويؤطر بها سلوكياته سلباً أو إيجاباً, للنجاح مفتاح وللفشل مفتاح أيضا, والعبرة دائماً في ذلك المفتاح الصغير الذي يمكن أن يكون سبباً في بلوغ الأفق.
مهارة البعض تصل إلى استخدام مفتاح واحد فقط لولوج أبواب كثيرة, بينما يدفع اليأس آخرين إلى امتلاك مفاتيح كثيرة والعجز عن فتح باب واحد فقط, ولهذا نقول إن لمهارة الإنسان دوراً استثنائياً في صنع هالته المغناطيسية ورسم الكاريزما الرشيقة التي تسكن أضيق الزوايا وأوسعها عبر سياسة مرنة وذكية وطموحة وشفافة.
من وجهة نظري لا يوجد مطلقاً أبواب موصدة طالما وأن أمامها من يواصل الطرق ولهذا نقول بضرورة وجود الأمل وأهمية تكرار المحاولة وعدم الاستسلام للحظات الفشل التي يقع فيها كثيرون بسبب حملهم لأطنان اليأس والتخاذل والتشاؤم والانطواء.
وليتصور القارئ الكريم أن الإنسان وعبر روحه السامقة أو المتخاذلة يستطيع أن يجعل تلك الأبواب من الحديد أو الإسفنج وفق تلك المهارة المتعادلة مع درجة طموحه وأدوات العبور الخاصة به.
البعض الآخر قد يملك القدرة الفائقة على استخدام المفاتيح والدخول إلى عوالم معرفية أو عملية أو سياسية مختلفة لكنه لا يجيد استخدام المفاتيح نفسها للخروج من تلك الأبواب في اللحظة التي يكتشف فيها أنه يقف في المكان الخطأ, فالمهارة لا تتوقف عند حد الدخول فقط واختراق حواجز الحياة المعتمة وإنما تتعدى ذلك إلى مهارة الإنسان في ترك تلك المساحات الجافة دون قدميه والاحتفاظ بما يتبقى من البذور لموسم قادم آخر تكون فيه الأرض أكثر استعداداً للعطاء.
هناك مفاتيح يأكلها الصدأ وأبواب تتهالك غربة وانطفاءً, وخواصر تشكو ثقل تلك الأوقية الحديدية المقولبة في شكل مفاتيح لا تعني لحاملها شيئاً لا مادياً ولا معنوياً, إنها تشبه قطار الفُرص الذي يفوت تاركاً خلفه بشراً من تلك الفئة الورقية التي تحملها الريح شمالاً وجنوباً دون أن يكون لها حيلة في اتخاذ القرار!.
هؤلاء يحملون أسفار الانكسار عاثرين, وهؤلاء هم السواد الأعظم من البشر اليوم والذين يعجزون عن تحديد مسار حياتهم وفق رؤية واضحة وهدف مدروس.
ولأن الحياة أبواب يجب أن نحرص على تلك المفاتيح التي تجعل خلفية الصورة في كل مرة مختلفة تماماً عن ذي قبل وألوانها أبهى وأروع مما يمكن أن يتصور عقلنا المدبر والمسكون بحمى الطموح اللا محدود..
ألطاف الأهدل
مفاتيح ...... 1645