ليس غريباً أن تجد أحد الناس في حارتك أو منطقتك وقريتك مثالاً للاستقامة والاحترام وتجد أولاده في واد آخر وكأنهم أبناء شخص آخر ولا تربطهم أي صلة بهذا الأب وهذه من وجهة نظري ظاهرة اجتماعية سلبية للغاية، فالأصل أن صلاح الأب واستقامته ينعكس على بقية أفراد الأسرة، فهو مسئول عنهم أمام الله ثم الناس والرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يقول في الحديث : (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) ويقول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول).
هذه الظاهرة الاجتماعية السلبية أعتقد أنها ناتجة عن سوء فهم، فبعض الآباء يقول لك عندما تقول له : كيف يا حاج أنت بالجامع وابنك بالشارع يزعج الناس ويؤذي المارة ويتضارب مع عيال الجيران ويلعب بوسط الشارع ولا يعرف المسجد؟!!
فيرد عليك: (خلهم يعيشوا زمانهم) وبعضهم يقول : (قد حاولت معهم لكن ما فيش فائدة لكن الله يهديهم) وأحدهم قال لي : بالشارع أحسن من الجامع، لأنه بالجامع يعبث بالماء بالحمامات ويضحك أثناء الصلاة ويؤذي المصلين فقلت له : طيب علمه آداب الجامع وحرمة الجامع حتى لا يعبث ويضحك ويؤذي المصلين.. قال : سأحاول.
وبعض الآباء مشغول على الآخر وفي واد ثان تماماً والأم كذلك في واد آخر والابن في الشارع ينحرف مع عيال السوء أو يستقيم هو وحظه.!!
وبعض الآباء مغترب في دولة أخرى ويرى ابنه كل ثلاث سنين شهراً أو شهرين، فكيف سيربيه؟!!
صحيح أن الانشغال والغربة ظروف تفرض على كثير من الناس، لكن هناك من ينشغل أو يغترب لكنه يشدد على أهله بخصوص تربية الأولاد ويخصص لهم وقتاً للتواصل معهم والسؤال عنهم ويعهد بهم لمدرس مستقيم من أبناء الحارة أو المنطقة ليشرف على التزامهم بالدراسة والصلاة ويراقبهم من بعيد ويبلغ الأب بشكل مستمر بنشاطهم أو يوصي بهم شخصاً محترماً يبلغه بكل تصرفاتهم والأب من جهته يتصل بالأولاد ويسألهم : ماذا درستم اليوم؟ هل صليتم كل الصلوات في الجامع؟ كم حفظتم من القرآن؟ هل كتبتم الواجب؟ وغيرها من الأسئلة وبشكل يومي أو بين اليوم والآخر ويستخدم كذلك أسلوب الترغيب والترهيب ولكل موضعه ويشجعهم بالجوائز والمكافآت وغيرها.. أما أن يبقى الأب مشغولاً أو مغترباً أو حتى موجوداً ومستقيماً وابنه في واد آخر، فهذا لا يرضي لا الله ولا رسوله، بل ويعكس نظرة سيئة عن هذا الشخص الذي ترك لأولاده الحبل على الغارب.
محمد مصطفى العمراني
الأب بالجامع والابن بالشارع !! 1969