للفتنة والفساد أدوات كما أن للخير والسلام أدوات أيضاً، ولربما كانت هناك أداة واحدة مشتركة بين هذا وذاك ولا أجد مثالاً حياً لذلك مثل نافذة الفيسبوك الالكترونية شاهدة على إمكانية أن يكون للخير والشر أداة واحدة يستخدمها البعض لهذا والبعض الآخر لذاك.
مؤخراً وأثناء وجودي الزئبقي على هذه النافذة التي أتعامل معها بحذر شديد، قرأت أفكار البعض حول الدعوة إلى الانفصال بين شطري الوطن وكيف أصبحت بعض الألفاظ الرخيصة رائجة على لسان مثقفين ينبغي أن يقفوا في وجه العنف والتفرقة والتشطير والانفصال صفاً واحداً بعيداً عن المزاجية والتطرف واصطياد الأخطاء.
صنعاء وعدن عينان في وجه اليمن ويدان موثوقتان إلى صدره ولا يمكن للتشطير والانفصال أن يكون بين أبناء هذا الشعب حتى لو حدث التقسيم الجغرافي والسياسي المشوه الذي يتحدث عنه البعض والذي لن يكون إلا خطوة عاقلة تقصد حقن دماء اليمنيين بعد أن كان ما كان في قريب الزمان.
أيها المتربعون على تلك المساحة الالكترونية الخرساء اتقوا لله في آخرين قد تدفعهم كلماتكم إلى ارتجال الفتن والتسويق لها ونشرها ولا تنسوا أن أعداء الأمة اليوم كُثر (بضم الكاف والثاء) وخذوا عبرة وعظة مما يحدث في سوريا اليوم وكيف رحم الله هذا الشعب من مغبة الوقوع في هاوية الدم التي لا ترحم.
الحضارة ليست في القدرة على استخدام هذه الجهاز الالكتروني أو ذاك وإنما للحضارة نص يجب أن تجيدوا ترجمته من الألف إلى الياء حتى تعيشوا المعادلة السياسية بوزنها الحقيقي، فتوقفوا – رجالاً ونساءً شباباً وشابات- عن ما تقترفه أيديكم من آثام الدعوة إلى الفتنة سواء شعرتم بذلك أم لم تشعروا به، وسواء قصدتم ذلك أم لم تقصدوه وعليكم أن تقفوا موقف إجلال وإكبار ممن استخدم هذه النافذة الاجتماعية الالكترونية لنصرة المظلومين وإبطال دعاوى المبطلين في أيام عصيبة من عمر ثورتنا اليمنية، فلا تسمحوا لأنفسكم بأن تكونوا أقل منهم شأناً واعلموا أن باستطاعتكم وعبر نفس هذه القناة الفاعلة أن تقيموا ثورة أخلاقية تدعون بها مجتمعكم إلى تأمل القضايا الوطنية الحساسة بشفافية وهدوء أكثر، آخذين بعين الاعتبار ما يمر به مجتمعنا من انفلات أمني أعقبه ويعقبه باستمرار انفلات أخلاقي لم يسبق لمجتمعنا الوقوع فيه، كاغتصاب الفتيات الصغيرات وانتشار تعاطي المخدرات والمسكرات واستخدام السلاح كلغة للتفاهم والمضمار أمامكم واسع، فإن أردتم كونوا دعاة سلم ولا تكونوا دعاة حرب، خاصة والمجتمع يشكو حالة هيجان إنساني غريب جداً.
اتقوا الله يا عشاق الفسبكة، فلربما أصبح أحدكم ممن يقول عنهم رب العباد أجمعين (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جمعياً)، متجنباً قوله تعالى (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً)، فلا تكثروا الجدل فيما قل أو كثر.
ألطاف الأهدل
يا هواة الفسبكة اتقوا الله.. 2134