ترى ما هو وجه الاختلاف بين ثورتنا في اليمن والثورة في سوريا الحزينة؟! وما هو ذلك الخيط الرفيع الذي فصل بين سياسة القيادتين والشعبين هنا وهناك؟!.. الرؤية السياسية الضحلة التي عانتها سوريا من أصحاب القرار السياسي فيها وأصحاب القرار الإقليمي خارج حدودها جعلتها – كشعب- تستلهم كل مدخراتها البشرية إلى درجة الوصول إلى مخزونها الاحتياطي من البنية البشرية العاجزة عن الدفاع عن النفس.
وهكذا تبدو سوريا على مستواها الديناميكي، عبارة عن منطقة بركانية تقذف الحمم وتطلق الأدخنة وما من مجيب!!.
المشهد الثوري في سوريا أظهر بجلاء أطماع الشرق والغرب فيها وكأنها تلك الحسناء الجميلة التي يتهافت عليها كُثر، لكنها يوم سقطت يأكل أحشاءها المرض، عافها كل من بات راكعاً دون قدميها!.
ويبقى الشعب هو ذلك الحبيب المحارب، لأن جذوة الحب الوطني في قلبه لا تنطفئ، وهل للبشر مرافئ وشواطئ ومنازل وقلوب تنبض إلا في أوطانهم؟!.
يكاد يسقط القلب وتتهاوى عليه الضلوع وينهار على إثره الجسد حين نسمع ونرى حجم تلك الجرائم الأخلاقية التي يعاني منها الشعب هناك والتي لم يسلم منها الرجال على صلابة أجسادهم وقدرتهم على الدفاع عن النفس، تلك الجرائم التي استخدمت الذل والهوان وقذارة النية وسائل لاستعراض القوة أمام الضعفاء.. البشر.. كتلة المشاعر، مهما كانت اتجاهاتهم وانتماءاتهم.. تلك الجرائم التي مزقت صفحة المحارم وحطمت هرم المكارم وألغت من قاموس المتنفذين مفردة المروءة التي قيل إن أدنى درجاتها عدم الالتفات إلى الآخرين أثناء المشي في الطريق وأعلى درجاتها المداراة وإن كانت على حساب النفس، فأين كانت مروءة من اغتصب رجلاً وهتك حياء فتاة أمام أفراد أسرتها ونزع براءة طفل وكأنه يسلخ شاه!!.
هل ينتمي أولئك الجنود إلى جيش سوريا؟! هل يمت أولئك الشبيحة بصلة إلى الشعب السوري؟!.. وأمام ما يحدث هناك نجد أننا في اليمن أهل حكمة وبصيرة، ولهذا نقول: أيها الشباب هنا وهناك من كان منكم مع الثورة أو لم يكن ومن كان منكم مع النظام أو لم يكن، أنتم أبناء وطن واحد فلا تخربوا بيوتكم بأيديكم أبداً ولا تحاولوا إظهار العجز عن حماية الوطن، فالغرباء والمتلصصون خلف الجدران أكثر مما تعتقدون ومصالح السياسة أقوى مما تظنون والكبار من حولنا يشبهون أسماك القرش التي تفتح فكيها لكل ما هب ودب إلى جوفها، فكونوا على ثقة أن سواكم لن يكون أكثر حرصاً على هذا الوطن وأن الطيور التي لا أعشاش لها قد لا تمنح (بضم التاء) فرصة الموت واقفة!!.
في سوريا اختلطت فلسفة الفناء والبقاء حتى أصبح الناس يركضون من الحياة ليموتوا أحراراً، في حين كانوا يهربون من الموت ليعيشوا أحراراً، وكل الأسئلة هناك ليس لها إجابة واضحة!!.
ألطاف الأهدل
سوريا.. ما من مجيب!! 2110