التدخلات الإيرانية في الشأن اليمني واقع مقلق ويحذر منه جميع المخلصين لهذا البلد حتى وصل الأمر إلى أعلى سلطة في البلد ممثلة برئيس الجمهورية المشير/ عبد ربه منصور هادي الذي حذر إيران مراراً وتكراراً من التدخل في الشأن اليمني عبر دعمها للحراك الانفصالي المسلح والمتمردين الحوثيين الذين يتوسعون بقوة السلاح ولديهم مخططات لتفجير الوضع عسكرياً وإشعال فتيل الحرب والمواجهات في أكثر من منطقة فضلاً عن دعم إيران لشخصيات سياسية وقبلية وفكرية لتبني سياستها وخططها التخريبية في اليمن وشبكاتها التجسسية وعملائها وغيرهم من أصحاب المشاريع الصغيرة ومجاميع المرتزقة الذين يريدون تمويلاًً وجاهزون لأي شيء.
والحال هكذا يعجب المرء حين يجد الإعلام الرسمي بعيداً عما يحدث تماما ويدور في فلك آخر غير فلك المواطن وهمومه وقضاياه، بينما هو في نفس الوقت إعلام ممول من خزينة الدولة التي رفعت الدعم عن خبز المواطن العادي (كيس القمح) والمشتقات الغذائية وظلت تدعم بمليارات إعلام يتخبط كالأطرش في الزفة ولا يمتلك مشروعا وطنيا ولا رؤية إستراتيجية فبالله عليكم أين الإعلام الرسمي مما يحدث في هذا الوطن ؟! أين الإعلام الرسمي من هذا الطابور الإيراني الخامس الذي صار يهدد الأمن والاستقرار والنسيج الاجتماعي ومستقبل هذا البلد ؟! أين الإعلام الرسمي اليمني الممول من قوت المواطن الذي يعيش في حالة تصعب على الكافر من التحذير من خطر هؤلاء المتمردين والمرتزقة الذين يتوسعون بقوة السلاح ويسعون لتأزيم الأوضاع وإشعال فتيل الحرب بينما الشعب يريد السلام والأمن والاستقرار؟!.
نحن ضد التدخلات السلبية في الشأن اليمني سواء كانت إيرانية أو أمريكية أو حتى خليجية أو من أي جهة كانت طالما وهي سلبية وتضر ولا تنفع ونؤكد على أن وجود ضغوطات أمريكية أو خليجية على صانع القرار كون السلطة في هذا الظرف الصعب تمر بحالة من الضعف وتواجه مشاكل وتحديات كثيرة لا يبرر التدخلات الإيرانية والتي تتوجه لكيانات تعارض الوفاق الوطني وتسعى للانفصال والتوسع بقوة السلاح وخلق الأزمات والحروب والمشاكل.
يتحدث الرئيس عن خطر التدخلات الإيرانية ويحذر إيران من التدخل في الشأن اليمني وتقوم إيران وبكل وقاحة وصلف بتوبيخ القائم بأعمال السفير اليمني في طهران وتحميله رسالة شديدة اللهجة للسلطات، لأنها اعترضت على تدخل إيران في الشأن اليمني في تصرف أرعن وهمجي ولا تجد في الإعلام الرسمي باستثناء بعض الكتابات في صحيفة " الجمهورية " أي ذكر لهذا الموضوع في الإعلام الرسمي وكأن القائمين عليه لا يريدون إغضاب إيران أو متواطئين معها !.
في الواقع تواجه اليمن تحديات وأخطاراً وفي الإعلام الرسمي، خطاب آخر تماماً، خطاب تضليلي غير مبال بما يحدث أو سيحدث، فلماذا ولمصلحة من يغيب الإعلام الرسمي عن الأحداث وتغيب التوعية المطلوبة والواجبة بهذه الأخطار والتحديات ومناقشتها وتقديم الحلول لها ؟! أين الندوات وأين المقالات والاستطلاعات والمقابلات والأفلام الوثائقية ؟! وأين استضافة من يوعي الناس ويوقف هذا الانزلاق الخطير لبعض الشباب في أحضان هذه الكيانات المتمردة والجماعات المسلحة المتطرفة كعصابة الحوثي المتمردة وفصيل الحراك الجنوبي الانفصالي المسلح والقاعدة ؟!.
لا ننكر أن هناك تغييراً إيجابياً في الإعلام الرسمي ولو أنه جزئي وبطيء ولا يلبي الطموحات ولا يحقق أشواق الجماهير العريضة ولكنني شخصياً كنت أتوقع أن وزير الإعلام الأستاذ/ علي العمراني سيحدث نقلة نوعية في الإعلام الرسمي اليمني وسيغير مفاهيمنا التي ترسخت منذ سنوات عن هذا الإعلام المضلل والموجه ولكن لم يحدث الكثير مما كنا نطمح إليه وما كل ما يتمنى الشعب يدركه، ربما لأن سياسة الأستاذ علي العمراني تتركز كما فهمت من أحاديثه على أمرين : 1ـ دعم الوفاق.
2ـ التغيير المرحلي والمتدرج.
ولكنني أرى أن تناول الإعلام الرسمي لخطر التدخلات الإيرانية التي تهدد أمن واستقرار اليمن وتجريم العنف الممنهج المسلح الذي تسلكه الكيانات المتطرفة المدعومة من إيران لا يخدش الوفاق الوطني ولا يغير من سياسة التغيير المرحلية بل هو واجب الوقت وفريضة المرحلة فالخطر الحوثي الإيراني يتعاظم كل يوم ويكبر مسببا قلقا شعبيا في بلد يريد أهله أن ترسو سفينتهم على شاطئ النجاة وبر الأمان ولا يريدون أن يتحول لساحة تصفية حسابات وصراعات دولية يدفعون هم ثمنها فتزهق أرواح الآلاف من أبناء اليمن ويشرد مئات الآلاف من بيوتهم ومنازلهم، لأن إيران أرادت إيجاد حليف قوي لها في اليمن يكون قادراً على خلق مشاكل لمملكة العربية السعودية، حليف مسلح يصرخ بالموت لأمريكا ويتحالف معها سراً ويلعن اليهود ويقتل المسلمين أبناء اليمن.
مرة أخرى نناشد القائمين على الإعلام ونخاطب ضمائرهم لعلهم يقومون بواجبهم بألا يوكلوا مسئولية مواجهة الخطر الحوثي والإيراني التخريبي للإعلام التابع للإصلاح وأنصاره أو لإعلام السلفيين، لأنهم بهذا يصورون للمواطن العادي بأن ما يحدث صراع بين تيارات وليس خطراً يتهدد الوطن بشكل عام، بل إن الإعلام الرسمي بهذا الصمت واللامبالاة يشرعن للصراع الطائفي والعنف المذهبي، لأنه يظهر ما يحدث على شكل صراع بين الحوثيين والتيار الإيراني والانفصالي المسلح وبين الإصلاح والسلفيين.. وهنا الخطورة.
فهل يدرك القائمون على الإعلام الرسمي مسئوليتهم ويتقون الله في هذا الشعب الذي يدبر له هذا التيار التخريبي أبشع المؤامرات والمخططات المدمرة ويقوموا بواجبهم ؟!!.. نتمنى ذلك.
محمد مصطفى العمراني
الإعلام الرسمي.. لماذا يصمت عن خطر التيار الإيراني التخريبي ؟! 2498