رفضاً للفساد والاستبداد والتوريث تعددت أشكال المقاومة الشعبية للسلطة، فمن تذمر في (ذمار), وعدم رضا في (البيضاء), وتقطع واختطاف للأجانب في (الجوف ومأرب), تطور الأمر في عام 2004م إلى تمرد مسلح في (صعدة)، وفي 7/7/2007م, انطلق (الحراك السلمي) من (عدن) فانتشرت المسيرات والاعتصامات في كافة مناطق الجنوب، ومع نهاية عام 2009م, اعترفت الحكومة اليمنية رسمياً بأنها (فشلت اقتصادياً).
ونظراً لموقع اليمن الاستراتيجي على خطوط النقل البحري للتجارة الدولية وقربها الجغرافي والاجتماعي من منابع إمدادات العالم بالنفط فإن عدم مواجهة (الفشل السياسي والاقتصادي) للسلطة, سيؤدي ــ حتماً ــ إلى (فشل الدولة) و( (الحرب الأهلية).. وعندها ستتحول اليمن إلى ملاذ آمن للإرهاب والقرصنة, وهو ما يمثل خطراً داهماً على استقرار الاقتصاد العالمي، ولهذا فقد أعطى المجتمع الدولي لليمن اهتماماً خاصاً, وتم وضعها مبكراً تحت (الرعاية الدولية المباشرة).
ولمساعدة اليمن في مواجهتها للتحديات السياسية والاقتصادية والأمنية, أطلقت (المملكة المتحدة), في شهر يناير 2010م, الدعوة لتشكيل مجموعة (أصدقاء اليمن) التي تضم دول مجلس التعاون الخليجي, ودول مجموعة الثماني، إلى جانب الأمم المتحدة, والاتحاد الأوروبي, وجامعة الدول العربية, وصندوق النقد الدولي, والبنك الدولي, ودولاً أوروبية أخرى.
ونتيجة فشل نظام (الرئيس/ علي عبدالله صالح) في كسب ثقة المجتمع الدولي, ظلت اجتماعات (مجموعة أصدقاء اليمن) تتنقل من (لندن) إلى (الرياض) إلى (أبو ظبي) إلى (عمُان) إلى (برلين) إلى (نيويورك) دون أن يتم التصريح بحجم (الدعم) المنتظر لليمن.
وعندما حل (الربيع العربي) في اليمن, كان المجتمع الدولي والإقليمي في موقف (المحتار) فمن جهة كان (مرحباً) بالثورة اليمنية باعتبارها الوسيلة الأسرع لتغيير سلطة فشلت أخلاقياً وسياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً.. ومن جهة أخرى كان المجتمع الدولي (متخوفاً) من عدم قدرة اليمن, وهي تحت (العناية الدولية المركزة), على تحمل تداعيات الثورة السياسية والاقتصادية والأمنية.
ولهذا, انفردت المملكة العربية السعودية بتقديم (المعونات الإسعافية) الضرورية لإبقاء (الدولة) في اليمن (على قيد الحياة), وساهم المجتمع الدولي بالضغط على (الرئيس/ علي عبدالله صالح) لكي يتنحى عن السلطة، و(كـحل وسط) يسمح بالتغيير دون تدمير, جاءت (المبادرة الخليجية)، وتم تعزيزها بقرار من مجلس الأمن الدولي (تحت الفصل السابع) تم التصويت عليه بالإجماع.
وبهذا فقد تم مواجهة تحديات (المعضلة اليمنية) بخمس (آليات) تكمل كل منها الأخرى وهذه الآليات هي:ــ
1ــ (المبادرة الخليجية) كآلية (حكم توافقي) مؤقت لتفادي (الحرب الأهلية), واستعادة وحدة الأجهزة العسكرية والتهيئة والتحضير وإجراء (الحوار الوطني الشامل .(
2ــ (مجموعة أصدقاء اليمن) كآلية (دعم دولي) لمساعدة اليمن في مواجهتها للتحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية.
3ــ (الثورة السلمية) كآلة (ضغط شعبي), لضمان الجدية في مسيرة (التغيير), ومحاربة الفساد, ومنع (التلكؤ السياسي).
4ــ (الحوار الوطني الشامل) كآلية (توافق حضاري), لوضع أسس حل (القضية الجنوبية) و (قضية صعدة) والاتفاق على (عقد اجتماعي جديد) يؤسس (لبناء يمن جديد).
5ــ (قرارات ملزمة من مجلس الأمن الدولي (تحت الفصل السابع)) كآلية (ضغط دولي) لضمان نجاح (التغيير), وضمان نجاح (الحوار الوطني الشامل).
وباستخدام لغة (الطب), فإن اليمن أشبة ما يكون بـ(معاق) مصاب بالعديد من (الأمراض المعدية) نتيجة (إهماله للنظافة) وانشغال (راعيه) (بالرقص على رؤوس الثعابين)، ولكن العناية الإلهية سخرت له (مجموعة أصدقاء اليمن) فحظي بالاهتمام الدولي و(بالعناية الدولية الخاصة) وحصل على (علاج نموذجي).
و(علاج اليمن) يحتوي على " دواء (مهدئ), وآخر (مقوي), وثالث ( كمضاد حيوي للقضاء على الجراثيم), ورابع (عملية جراحية ضرورية لعلاج (الإعاقة) وخامس (لضمان نجاح العملية الجراحية).
ويخضع اليمن للعلاج بإشراف, أفضل (طاقم أطباء عالمي) مكون من فريقي عمل الأول برئاسة (ألمانيا والإمارات) والثاني برئاسة (هولندا والأردن)، ويتم الإعداد والتحضير لتحديد طبيعة العملية الجراحية وما يلزمها بإشراف (طاقم أطباء محلي) مكون من (18) خبيراً على رأسهم (د. عبدالكريم الإرياني, د. ياسين سعيد نعمان, الأستاذ/ عبدالوهاب الآنسي) وآخرون.
وقد تكفل بدفع (تكاليف العلاج وإجراء العملية) (خادم الحرمين الشريفين), وبقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وبقية أصدقاء اليمن، الذين تعهدوا في اجتماعهم بتاريخ 4 سبتمبر 2012م, في (الرياض), بتقديم (دعم) اقتصادي بمبلغ (6.4) مليار دولار، وفي نهاية شهر سبتمبر الاجتماع الثاني في (نيويورك)، تعهد خلاله آخرون بتقديم ما يزيد عن مليار وأربعمائة مليون دولار لدعم اقتصادي إضافي.
الخلاصة صحيح أن (المعضلة اليمنية) معقدة, ولكن شروط (العلاج) متوفرة، فالمرض تم (تشخيصه), و(آليات العلاج) نموذجية, وطاقم (الأطباء) عالي الكفاءة, و(الدعم) الدولي غير محدود.
لهذا بالتفاؤل و (الصبر) الأمل (بالتعافي) كبير.
كلية الاقتصاد / جامعة عدن
د. محمد حسين حلبوب
العلاج نموذجي 1722