أتى الإسلام ليخرجنا من حياة الجاهلية لحياة السلام، حياة التوازن، حياة مبدؤها واضح، حياة يتساوى فيها الجميع أمام الميزان، لكننا وحين نُظل الطريق ونبتعد عن الهدي الكريم فمن النتائج الحتمية والمنطقية هو أن حياتنا لابد أن تُختل ذلك لأننا فقدنا النور الذي كنا نهتدي بهِ، فكما يقال لكل فعل تجليات فمن بعض التجليات والصور التي يظهر فيها هذا الاختلال :
فعلى المستوى الأسري عندما يتقدم شاب لخطبة فتاة فإن من العادات الغريبة ما نشاهده في يوم الحمام حينما يُذهب بالعروس إلى أحد الحمامات البخارية فإنه وعند بوابة الحمام الرئيسية يقوم أهل العروس بكسر عدة بيضات خشية العين (( الحسد)) على ابنتهم وكأن البيض هو المتكفل بحفظ العروس وليس الله !!
وأيضا على نفس المستوى حين يُرزق أحد أفراد العائلة بمولود يقوم أحد الأبوين أو الأجداد بعلق المولود بالمر والحلتيت خشية عليه أن يمسه الجن وكما يزعمون جعل دم المولود مر أي لا يمكن للجن مسه !!
أما التعامل مع عاملي النظافة في المنزل فهي قضية بحد ذاتها، فمن الأمور التي لا تجب على العامل أو العاملة القيام بها هي عدم الأكل مع أسيادهم على نفس المائدة، لا يصلوا على نفس سجاجيدهم ولا يأكلون بنفس ملاعقهم وصحنهم ولا يشربون في أكوابهم وكأنهم حاملو وباء متناسين تواضع الرسول ((ص)) وخلقه فقد قال ـ صلى الله عليه وسلم: (إخوانكم خَوَلُكم(خدمكم) جعلهم الله تحت أيديكم.) (البخاري) وهي دعوة للرحمة بهم فأين نحن من هذا !!
أما على المستوى العام أصبحنا نلاحظ أن الموازين أختلت أيضاً فمن تلتزم بحجابها وحشمتها أصبحت وكما يقول البعض: تتستر على شأن ما حد يعرفها، خاصة إن كانت منقبة الوجه، أما من تظهر بشعرها فيقال عنها: مرأة بألف رجل فعلى سبيل المثال ما نلاحظه في النشرات الإخبارية فحين تظهر مذيعة ترتدي تنوره إلى فوق الركبة وبلباس غير محتشم توصف بأجمل الألقاب منها(سيدتي، أستاذتي، أختي الفاضلة،...)
أما حينما تظهر إحدى الحقوقيات أو الصحفيات برداء محتشم تذم وتوصف بأبشع الألقاب ومنها(كان لبست حجاباً أفضل من هذا، استغفر الله بينت يدينها) !!
والمستوى الاجتماعي أيضاً لم تسلم موازينه فمن يقول كلمة الحق يدعى بــ (الوقح) ومن يتنمق ويجامل هذا وذاك يدعى بــ(الإجتماعي)، ومن يكون صادقاً وطيباً يدعى بــ(الأهبل) ومن يخادع ويكذب يدعى بــ(فاهم الحياة)، ومن يحاول النصح يدعى بــ(ناصح زمانه) أو(المفتي)، ومن يسكت عن كلمة الحق يدعى بــ(الرزين)، ومن يبتعد عن مجالس القيل والقال يدعى بــ(المتكبر)، ومن يجاريهم فيها يدعى بــ(المتواضع الحبوب).
أخيراً هذه بعض المشاهدات التي تجري في حياتنا وأجزم على أن هناك الكثير من الإختلالات والتي تواجه على أساس أنها شيء طبيعي، فالبعض وحين تنصحه يستنكر ويدافع عن رأيه ولا يعلم بأن الاختلاف لا يفسد للود قضية وليس عيباً أن نعترف بأخطائنا خاصة وأن ما يثبت بأننا نعيش حياة غير متوازنة هو و يقيم علينا الحجة هو الإسلام متمثلاً بالقرآن والسنة، فأردت من خلال هذا المقال أن أكون أحداً ممن أمرهم الرسول ((ص)) :(بلغوا عني ولو آية)، فربما من خلال فحصي وفحصكم عما يجري من حولنا نكون قد بلغنا أكثر من آية.
روان هاشم
واختلت الموازين !! 1817