يتجه ما يقارب خمسة ملايين طالب وطالبة من أبنائنا وبناتنا هذا الأسبوع إلى مقاعدهم الدراسية، لتبدأ الدائرة المعرفية المفترضة للعمل من جديد. وكانت الوزارة التربوية قد أعدت بالاشتراك مع منظمات دولية برنامج يعد من الوجبات السريعة التي تنضجها (تكلفتها) مبالغ التمويل تحت مسمى العودة إلى المدرسة مرفقاً بحملة إعلامية واسعة بغرض حث الطلاب وأولياء الأمور بضرورة العودة الآنية إلى المدرسة..
لا أدري كم هو المبلغ المرصود لهذا البرنامج بالضبط ، لأن ذلك من الأسرار المشفرة في الوزارة، لكني أجزم انه يقدر بعشرات الملايين وكلها ستصرف في هذا الشهر باسم مناشط ترغيبية للطالب والطالبة تدفعهما دفعاً إلى المدرسة.
المبلغ المرصود سيواجه نفقات مناشط كبيرة كالمهرجانات وبدل سفر الزيارات الداخلية للمدراء والإشراف المركزي والمحلي، ومقابل حملة ترويجية بوسائل الإعلام وتدريب المدرسين والإداريين على فنون وإتيكيت استقبال الطلاب. وأيضاً سيواجه المبلغ تكاليف ونقل حقائب مملوءة بالهدايا ولوازم المدرسة ستوزع على طلاب بعض المدارس ، وغيرها من مسميات الأنشطة التي تضمن وفر بنود تساعد على إخلاء العهدة.
لا أدري كيف توصل أصحاب القرار في الوزارة إلى أن أمزجة الطلاب تحتاج تلك المحفزات مقابل عودتهم إلى المدرسة و أنها هي الوصفة المناسبة القادرة على إعادة الطلاب والطالبات إلى فصول الدراسة... مع أننا كنا نظن جهلاً أن اغلب بيئات المدارس طاردة للطلاب ، وان أكثر المدارس تفتقد مواصفات الفصل الجاذب والساحة المناسبة والمقصف النظيف والحمامات المؤهلة، وان الطالبة أو الطالب إذا تسرب من المدرسة فذلك لإشباع حاجات بيولوجية ليس إلا..
كنا نظن جهلاً ومازلنا أن تلك المبالغ بإمكانها ترميم مئات الفصول وإصلاح عشرات الآلاف من الكراسي المترهلة والشبابيك المكسرة والأبواب المخلوعة.. وأنه بالإمكان بناء وإصلاح العديد من الحمامات والمرافق داخل المدارس..
وكنا.. وما زلنا نعتقد أن القيادة الجديدة للوزارة لديها برامج قادرة على توفير الكتاب للطالب والدليل للمدرس هذا الأسبوع ، وأن الدراسة ستنتظم حسب الخطة المدرسية وأن ظواهر الغش وتغيب المدرسين والإداريين ستنتهي للأبد.
كنا وسنظل نؤمن بأننا نعيش مرحلة البداية لأعوام دراسية ينتظم خلالها المدرسون المتخصصون في فصولهم وتفعّل فيها برامج التنمية المهنية للمعلمين حسب الاحتياجات الميدانية، وسيقوم جهاز التوجيه والإدارة المدرسية بواجباتهم بعد اعتماد آلية مراقبة لأداء هذه المرافق.
-كنا ومازلنا نثق بأن الساحات الثورية التي أمدتنا بالأمل، قد أمدتنا أيضاً بأكاديمي ثائر يدير ويقود وزارتنا، وأنه بلا شك يمتلك رؤى وبرامج قادرة على كبح ظواهر الفساد وممارسات المفسدين في ديوان ومكاتب ومؤسسات هذه الوزارة.. ولن ننتظر كثيراً..
محمد اليافعي
العودة إلى المدرسة 2013