تعاني لغتنا العربية مؤخراً من أمراض مزمنة غاية في الخطورة، تسببت في وجودها عوامل تعليمية هشة وموجة تطبيع قهرية تعاني من مجتمعاتنا العربية كخطوة من خطوات الحرب الباردة التي تهدف إلى تمييع القيم الدينية والمفاهيم العرفية والأنماط التقليدية المحافظة، حتى يسهل العودة بمجتمعاتنا الإسلامية إلى مربع الاستعمار البغيض، وفق رؤية تحليلية خبيثة قادمة من الغرب الحديث بمعتركه الحضاري الموبوء وبنيته الداخلية المهترئة.
حيث نلاحظ قلة الاهتمام باللغة العربية كمادة أصيلة وجوهرية وأساسية تقوم على أساس مختلف العلوم النظرية والتطبيقية، وخصوصاً علوم القرآن والشريعة الإسلامية بمختلف فروعها الفقهية، فالغالبية العظمى من أطفال المدارس يغادرون الصفوف الأساسية ولازالوا يجهلون أسس وقواعد القراءة والكتابة بشكلها الصحيح، ويتذرع المعلمون والمعلمات بعدم كفاية الوقت وازدحام مساحة الفصول بأعداد كبيرة من الطلاب مع عدم كفاءة العديد من معلمي ومعلمات اللغة العربية بشكلها الصحيح والمشرف.
وتعمد الكثير من المدارس إلى اعتماد اللهجة الخليجية الدارجة إلى لهجة رسمية لأناشيدها وأغانيها الوطنية الموسمية أو تلك المستخدمة للتعبير عن مناسبات وأعياد سنوية تقدمها على مسارحها المدرسية في سباق مدرسي تربوي محموم بالمنافسة غير المبررة بهدف أو غاية سامية.
وأستغرب كثيراً عدم قيام هذه المدارس مجتمعة بإجراء مسابقة خاصة باللغة العربية نحواً وشعراً ونصاً وصوراً شعرية مبتكرة، بينما نسمع ونحضر لها مسابقات فنية ورياضية لا تخدم قضايانا العامة لا من قريب ولا من بعيد، بل إنها تعكس ثقافة مدارسنا ومدى تدني مستوياتها التربوية نظرياً وعملياً.
ولم يعد هناك فرق واضح بين المدارس الحكومية والأهلية تقريباً اللهم إلا في كون بعض الأهلية منها تطمس معالم اللغة العربية بإحلال الانجليزية محلها رسمياً كلغة عالمية، والأمر إذاً واحد، فاللغة تفقد بريقها ومكاتبها كل يوم بين من يبحث عن بديل لها ومن لا يبحث عنها أو عن بدائلها استهتاراً بالعلم واحتقاراً المنزلة اللغة العربية بين كل لغات العالم، فهي لغة كتاب الله ولغة أهل الجنة وإذا كانت اللغة الانجليزية مفتاحاً من مفاتيح الرزق فإن اللغة العربية مفتاح من مفاتيح الرضا لأنها لغة النبي الأمي الذي لم يتحدث سواها لا قبل ولا بعد نزول القرآن الكريم عليه.
وإذاً فمن الواجب الانتصار للغتنا العربية بتكثيف وتركيز الأبحاث حولها وإعطائها مساحة جيدة على خارطة الاهتمامات التربوية في مدارسنا، خاصة في المراحل الأساسية كونها من أهم المراحل التي ينبغي أن يحصل فيها الطفل على حصته الوافية من التعليم الجيد، ولأن الطفل في هذه المرحلة عبارة عن صفحة بيضاء مستقبلة لذبذبات التعليم في أدق وأوضح صوره، حيث لازال بعيداً عن عوامل التشويش الخارجية بمختلف أشكالها.
ألطاف الأهدل
دعونا نتعلم العربية!! 2494