تصطادنا الأحزان أحياناً رغماً عنا لتلفظنا شباكها بعد هذا فرائس محطمة يمضغها اليأس ويبتلعها الأسى حتى تهزنا صدمة حب أو خوف أو طمأنينة أو أمل لنعود كما كنا من قبل فراشات وطيور وأسماك زينة جميلة تنضح بالتفاؤل والجمال، أعتقد دائماً أن الجميع ينقصه بعض الوقود فقط ليعمل كما يجب وأعتقد أكثر أن الغالبية العظمى منا لا تستطيع تحديد نوع الوقود المناسب الذي يدفعها للعمل بقوة وتميز دون وقوع أخطاء فادحة قد تكلف أحدنا الكثير.
بعضنا يشعر بالسعادة حين يحقق نجاحاً مفترضاً في مجال عمله وبعضنا يشعر بالسعادة حين يحصل على المال والكثير منا لا يعرف للسعادة طعماً إلا حين يرى أبناءه أمامه في أتم صحة وأكمل عافية وربما كان هذا شعور مشترك بيننا جميعاً كأمهات وآباء.
إن نوع الشعور الذي يسعدك يكون هو الوقود الذي يشعل حواسك للعمل ويدفعك للإبداع والتميز واكتساب مهارات التعامل مع مواقف الحياة المختلفة وفق رؤية اعتبارية راقية وفاعلة ومؤثرة، شخصياً أشعر بالسعادة حين أحقق انجازاً كنت قد كتبته على الورق كفكرة جافة، ساكنة، خالية من الحياة، لكن وبمجرد أن تصبح هذه الفكرة واقعاً ديناميكياً يؤثرة في الآخرين إيجاباً ويثير فيه مشاعر العطاء والبذل والمزيد من رهافة الحس ورقي المقاصد وسمو الأهداف أشعر عندها أن خزانات الوقود في داخلي ممتلئة تماماً بذخيرة حية غير متفجرة وأن الحياة ليست سيئة أمام من يطرق أبواب العمل والرضا والتفوق والإحسان إلى الآخرين.
وعلى هذا فأنا لا أحب اليأس وأجدني حين تفرغ ذخيرتي الروحية أحتسي شراب الأمل ممن أرى فيهم القدرة على فهم الحياة كما هي لا كما يتمنون أن تكون، نحن بحاجة إلى لحظات من المرح والتفاؤل والضحك، وبحاجة إلى تنظيف أرواحنا يومياً وأسبوعياً وشهرياً وسنوياً، لهذا جعل الله تعالى ساعة إجابة بعد منتصف كل ليلة وأخرى يوم الجمعة من كل أسبوع وجعل في العام كله شهراً للطاعات والحسنات لكل أشكالها وألوانها وإحجامها فحتى الاستغفار والتسبيح والتصدق في رمضان يضعف الأجر والثواب عن سواه من أشهر العام، بالعودة إلى ليلة فيه قد تساوي العمر كله وأكثر.
وهكذا لا بد لأرواحنا من محطات راحة وصيانة وشحن بأسباب السعادة والقناعة والزهد والسكينة وهي متزامنه تماماً مع تلك المحطات الإيمانية الطبيعية التي أوجدها الخالق للتخفيف من أثقال الحياة التي ترهق الإنسان وتضعف قدرته على استيعاب الواقع من حوله فاجعلوها واحة حقيقة تتزودون منها بهذا الوقود الإنساني الذي لا ينضب ولا يرتفع ثمنه ولا تتحكم بوجوده قوى داخلية أو خارجية ولا يمكن أن تحتكره دولة أو يسيء استخدامه شعب، إنها محطات ربانية تعيد إلينا استيثارنا الإنساني وتضخ في عروقنا بعض المرح والفرفشة والسعادة المؤقتة حتى يأتي أمر الله.
ألطاف الأهدل
فرفشة! ..... 2106