ما أجمل تعز بتلك الألوان الزاهية التي زينت جدران بعض مدارسها وشوارعها الرئيسية، ما أجملها حين جمعت فتيانها وطلاب العلم فيها على صعيد فني واحد، يحملون أداة واحدة وينفذون فكرة واحدة، كنت قد طلبت إلى أحدهم أن يخصص أحد جدران المدينة للكتّاب والكاتبات، الصحفيين والصحفيات في تعز لنضع عليه بصمتنا الواحدة، تلك البصمة الملونة التي ستبقى أثراً لرغبتنا في بناء هذا الوطن الجميل ولو ببقعة لون أو ومضة ضوء أو جرة قلم، لقد شعرت بالدفء وسرت في عروقي براكين العنفوان وأنا أتأمل ألواناً للفرح تحملها أصابع بكت من الحزن حين كانت تعز تئن من ألم الشتات والتفرقة.
اليوم يستطيع الجميع أن يعبر عن حبه لوطنه، ليس فقط بألوان يصنع منها وجوه الجدران الناعسة على عتبة المساء الرهيب، بل بفكرة بناءة وصوت يجهر بالحق وكلمة يراد بها تحقيق عدل، لهذا أدعو الجميع وفي كل محافظات الجمهورية إلى رص الصفوف وإعلان البدء بثورة أخلاقية، ثقافية، فنية، تجعل من تطبيق القانون والرقي بمستوى المجتمع وتحقيق العدالة بين الناس من أهم أهدافها خلال الأيام القادمة، لا يجب أن نيأس حتى لا نجد من يتعلم الحلاقة السياسية على رؤوس الأيتام من الشعوب.
نريد جيلاً يؤمن بقدراته، ويسعى لإيصال رسالته عبر آلية فكرية راقية ويستلهم من تجارب الآخرين منهجاً لتنفيذ مشاريعه العملاقة، جيل لا يعرف التشاؤم واليأس أبداً، نريد أن نقف بشموخ أمام هذا الجيل الجديد لأنهم في الحقيقة مرآة لنا نحن الكبار الذين ربما أسرفنا في إلقاء الخطب والأوامر والتوجيهات، ولكننا لم نبذل الجهد الكافي لتطبيقها أمامهم واقعياً، لهذا ندفع اليوم ثمن ذلك الجفاف الأسري وتلك الغربة الاجتماعية التي عاشها هؤلاء الصغار في ظل تسييس كل ما يمكن تسييسه في حين انشغلنا نحن بالاكتفاء بما يسد الرمق من القناعة بالواقع.
ما أجمل وطنا تبنيه سواعد أبنائه وتكلل منازله بالأمن من عزيمتهم التي لا تفتر وتغذي وعي أفراده بقناعة الانتماء أقلامهم التي لا يمكن أن تقف خلف قضبان اللامبالاة، فتعالوا أيها الشرفاء والمخلصون يا أصحاب النوايا البيضاء، أيها الساكنون في مقلة الإبداع والعطاء.
تعالوا لنقف صفاً واحداً أمام منبر اليمن ولنلقي على مسامع العالم أجمل خطاب وأروع كلمة يمكن أن يقولها شعب في حب
ألطاف الأهدل
لا شيء أجمل من الوطن 2388