مؤخراً ظهرت كل يوم مؤشرات قوية على المخطط البياني الاجتماعي تصف الحركة العمودية للاستحقاق البشري وتضعها في خانة (المتنامي) وإن كانت ضعيفة المضمون، هشة الأهداف محدودة الصلاحيات في أغلبها، فمن نقابات عمالية حكومية إلى نقابات خاصة وأكثر خصوصية، إلى أخرى فكرية وإدارية.... الأصل في وجودها أن تحمي حقوق الإنسان، العامل، الموظف، الكاتب، الإنسان كإنسان، لكن ما يحدث أن تلك النقابات جاءت كنتيجة حتمية لحركة الاستحقاق أنفة الذكر متماشية باضطراد مع حركة عالمية لا يمكن تجاهلها أو اللحقاق بركبها دون وجود معايير خاصة تناسب توجهها.
وبدلاً من أن تتحد تلك النقابات في شكل نقابات حكومية أو خاصة حتى تصبح أقوى وتعمل ضمن دائرة مهام محددة أكثر دقة، أصبحت وبكل أسف ترزح تحت وطأة الكثرة الغُثائية التي نشكو منها اليوم على المستوى الشعبي والأبوي وحتى الديني أيضاً، فلا زالت قضايا بعض العمال معلقة بين جهات نقابية وجهات إدارية مستمسكة بعروة الأداء الوظيفي ومستندة إلى قانون وضعي وصلت مرونته حد الهزلية المطلقة ومتكئة في أول الأمر وآخره على ضعف هذا العامل أو الموظف الإنسان وفقره وعدم قدرته على الوقوف في وجه رب العمل أو رب القانون اللذان يخطيان بدعم ولاة الأمر بمقابل أو بدون مقابل!
نقابات، جمعيات، اتحادات، بالجملة يحمل ظاهرها الرحمة ويخفي باطنها العذاب، وكأنها جاءت ككلمة حق أُريد بها باطل، لأنها لم تأتي لتسعف جرحى البيروقراطية الوظيفية وإنما قامت على أسس إدارية وسياسية واجتماعية انفلت عقالها إثر حادثة اللا دولة التي عاشها الوطن ولازال يعيشها رغم بارقة الضبط التي نسمع جعجعتها ولا نرى طحينها اللهم إلا في بعض أركان المائدة المتاخمة لسلطة القبيلة!
ما الجديد الذي حملتهُ عشرات النقابات والاتحادات والجمعيات التي ظهرت فجأة كوباء خطير؟!... الجياع في الشوارع هم الجياع، والحفاة هم الحفاة، والعُراء هم العُراء بل وأكثر مما كانوا عليه بالأمس، المظلومون باقون تحت مظلة الظلم والقائمون على أمر تلك النقابات والاتحادات والجمعيات يتنافسون حول مقاعدها الإدارية ويتسابقون لنيل ثقة الأحزاب التي ينتمون لها وكأننا نعيش في حلقة سياسية مفرغة من كل معاني الإنسانية، فأين هو العدل؟! من يحمل رايته؟! أين هم المنصفون والحاكمين بما أنزل الله؟! وهل أصبحت أحداث الوطن عُرساً لكل واحدٍ من هؤلاء فيه قُرص؟!
يكفي هذا التمزق والشتات حتى في حق المظالم وأصحاب البلايا والرزايا ومن هم في ذمة أصحاب النفوذ، يكفي هذا التفريخ السياسي والحزبي والإداري والنقابي الذي أصبح يشعرنا أننا نعيش في (فقاسة) كبيرة لا أريد أن أقول أن اسمها اليمن وإنما هي حالة من انعدام الضمير الوطني والإنساني نرجو أن لا تستمر أكثر يجب.
ألطاف الأهدل
نقابات بالجملة والتجزئة! 2390