الذين يرقصون حول النار في تعز سيحرقون أجسادهم قبل أن يصلوا إلى شموخ أبنائها واعتزازهم بوطنيتهم، والذين يحفرون الأرض ليزرعوا الألغام في تعز هم يحفرون قبورهم بأيديهم وستكون مثوى لهم، والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه في تعز سيأتيهم الموت من حيث لم يحتسبوا والله منهم أكبر وهو على حسابهم أقدر.
هذا الانحراف في مجرى المبادرة الوطنية التي جنح لها الشعب بأكمله هو انحراف عن قبلة الدين والملة، لأن الله حرم دم المسلم على المسلم وهؤلاء يستبيحونه في أقذر صورة وأرخص وصف يمكن أن يكون.
تعز، مدينة المعسكرات الدائمة والمؤقتة، وتعز مدينة الأوجاع والآهات المزمنة، وتعز أم البلايا والدروب المظلمة.... هذه هي تعز التي يطمح إلىها هؤلاء بعد أن صرخت بكل جوارحها في وجه التاريخ رافضة ومنتقضة، لكن تعز إلىوم ليست هي تعز الأمس، برغم طوابير الفقراء الذين يجوبون شوارعها، وبرغم عصا السياسة التي تقسم ظهرها، وبرغم طابور القتلة المأجورون الذين رضوا لأنفسهم أن يكونوا أذيالاً لحيوانات شرسة!!!..
برغم كل شيء منها وفيها ستبقى تعز مهبط الإرادة وأرض الحريات المنشودة وبلاد الباحثين عن ذاتهم إلىمنية الأصيلة وقبلة الأمنيات الواعدة والسواعد العصية على الكسل، لستُ في منتصف المسافة بين قرارين، كما أنني لا أبحث عن كلمة شكر نائمة في أحشاء أصحابها، لكني امرأة أعرف تماماً أين أنا واستطيع أن أقرأ تفاصيل من حولي بمنتهى الوضوح، وحين أقول أن تعز هي (مربط الفرس إلىمني) فأنا أعني ذلك وأداه صائباً جداً، فمن يتأمل هذه المحافظة ببساطة أبنائها رغم وعورة تضاريسها يستطيع أن يكتشف جمال الإنسان إلىمني من الداخل، هذا الإنسان الذي تحتشد حوله أسباب الموت والفناء في أكثر من شكل ولون وصورة ولازال يحمل معول الأمل باحثاً عن نقطة ضوء واحدة يمكن أن تكون دليلاً للخروج من نفق الأزمات المتتإلىة على الوطن.
بساطه هذا الإنسان دفعته للبحث عن لقمة العيش حتى أمام طوفان الأحداث الماضية، وكانت أيضاً سبباً لتعلقه بحكم السماء الذي قضى بإنصاف ولازال يقضي بإنصاف حتى يأتي إلىوم الذي يقف فيه حاكم ومحكوم بين يدل القاضي العدل الذي لا يظلم مثقال ذرة.
تعز ليست مجرد مساحة جغرافية يقطنها أفقر وأغنى الناس على صعيد واحد، وهي ليست تلك المحافظة التي تخضع لحكم القبيلة وتحابي أصحاب الوسيلة على حساب أهل النخوة والفضيلة! بل هي محافظة تسكنها كل عروق إلىمن قديمها وحديثها، وهي مزرعة خصبة لأشجار الثورات وبيئة جيدة لبذر الحريات، ثورات تعي أهدافها وحريات تعرف حدودها.
تعز إلىوم تعاني تربص الأعداء وكيد الحاقدين وسفاهة العاطلين عن كل شيء إلا الفتنة، تعز إلىوم تئن من غدر أصحاب الوصاية المزورة الذين ارتدوا أقنعة الوطنية مؤخراً ظناً منهم أن أبناء تعز مضطرون للمهادنة والانكسار، لكنها تعز وما أدراك ما تعز، موطن التراث والثقافة ومنبع الحكمة والحصافة، هي بيت العز الذي تربى في حجراته الكبار والصغار من أصحاب القرار، وهي كتاب التضحيات والبوم الأمنيات هي كل ما مضى وفات وكل ما هو آت..
ألطاف الأهدل
تعز، وما أدراك ما تعز! 2302