نعاني في زحمة الحياة اليومية من سلوكيات سلبية تصدر عن الآخرين ممن يفتقدون لأبسط قواعد الذوق والأخلاق الإسلامية الراقية وكأنهم لم يلتحقوا بالمدارس ولم يتعلموا حق المسلم على المسلم، أو لكأنهم لم يعيشوا في ظل أسرة ومسجد وشارع لازال يتمسك ببعض العادات والتقاليد رغم إنفراط عقده السلوكي والخلقي منذ زمن، فالألفاظ المشينة والتعدي على الحرمات والأعراض أصحبت عادة يومية طبيعية جداً في مجتمعنا وكان يجب أن يحل محلها الفرشاة والمعجون حتى يتعطر الفم بدلاً من أن يكون مقلب ميكروبات كريمة النبرة والرائحة.
ما إن تطأ قدماي أرض الشارع كل يوم إلا وتبدأ معاناتي الداخلية من سائقي الحافلات الذين يكادون أن يلعبوا دور الوصي على نساء هذا البلد "هيا اطلعي، اركبي جنبهن، نفسين لها تركب معاكن...." وكأنني بحاجة لكاتالوج سياحي حتى أستطيع أستقل الباص بنفسي دون أوامر من هذا السائق أو ذاك، علاوة على أن سائقي الباصات هؤلاء يتمنون لو أن كل من يدب على الأرض من بين البشر يكون راكباً لهم، وكل ما فات شيء وتكديس الركاب كأكوام القمامة شيء آخر، ففي الوقت الذي لا يستوعب فيه باص معين سوى ستة عشر راكباً تجد السائق من هؤلاء يتحدث عن عشرين راكباً خاصة من النساء والأطفال وإذا نطق أحدهم بالحق ما كان جوابه إلا أن قال: "خلونا نطلب الله"!.
أصحاب المحلات التجارية أيضاً يتعاملون بذات الطريقة، فحين تدلف إحدانا محلاً معيناً لا شك أنها بحاجة لأخذ فرصة للتأمل واختبار الخامات خاصة فيما يتعلق بالملابس مثلاً، لكن للأسف نحن لا نعطى هذه الفرصة من قبل أصحاب المحلات، فهم يكررون جملاً مترادفة مفادها واحد، وبالرغم من أنني أفضل الصمت في أغلب الأحيان إلا أنني وأمام تلك الجمل أجدني مضطرة لتوجيه هذا السؤال: "ممكن تعطيني فرصة آخذ فكرة؟!" فيجيب بالقبول ويبقى واقفاً على رأسي "أيش الذي تشتي بالضبط؟! أيش اللون؟، أيش الخامة؟، في أكثر من ماركة..." أضف إلى كل ذلك أن أحدهم قد يهرع نحو أي زبونة وكأنها لصة تحاول سرقة المحل".
أحدهم أمام المبنى وفي شهر رمضان بينما ترتاح أغلب النساء من عناء الوقوف لساعات طويلة بغرض إعداد الطعام ثم العبادة مساءً، وضع يده على منبه السيارة "الهون" ولم يرفعها وبعد أن كان قد أيقظ نصف سكان الحي بصوته أيقظ النصف الآخر منهم بمنبه سيارته، وهي عادة متكررة وصلت بأحدهم مرة أن يستخدمها لاستقطاب الركاب من إحدى المكتبات المشهورة في شارع جمال بينما هم منشغلون بتصوير ملازمهم ومفكراتهم المدرسية داخل المكتبة..
كثيرة هي تلك السلوكيات المزعجة التي تدعونا للتوتر كل يوم في وطن كل ما فيه يدعو للتوتر والخروج عن الصواب.. حسبنا الله ونعم الوكيل على كل من لا يضع سلوكياته تحت مجهر الخلق والدين والحشمة والحياء.
ألطاف الأهدل
راقب سلوكياتك 2065