القدرة على التكيف مع الوسط المحيط مهارة تجيدها بعض أو ربما كل ا لحيوانات وهذه الصفة تحديداًَ يجب أن يتعلمها الإنسان من الحيوان واعذروني إن أصبحت استشهد بالحيوانات للإقتداء السلوكي بعد أن عجزت عن إستيعاب أشياء في الواقع شعرت أنها أكبر من أن أصدقها أولها هذا الجحود الذي أصبح سمة مميزة للجنس البشري وليس آخرها هذا العنف الذي سيطر على سلوكياتنا بجميع اتجاهاتها، الحرباء تجيد الاختباء عن طريق استخدام اللون بفطرية تامة تنقذها من الوقوع في شراك أعدائها، الثعبان والأفعى يستخدمان آلية السكون وتجميد الأعصاب قبل الوثوب على الفريسة، بعض الحيوانات تفرز رائحة معينة لجلب ضحاياها برومانسية شديدة وهدوء جذاب وهذا الدرس يجب أن نتعلم فن إتقانه النساء تحديداً! نسج الشباك أيضاً مهارة لمخلوق صغير جداً نحن نفوقهُ حجماً آلاف المرات، لكننا نتجاهل عقولنا ونسير خلف هوانا ولهذا لا تساوي عقولنا شيئاً أمام عقل أرملة سوداء لا تكاد تعي ما تفعل الحمائم البيضاء والرمادية الجميلة تداعب بعضها بعضاً في حوارٍ تشهدهُ الأعين والمناقير وتغيب عنها الشفاه غياباً قاسياً!..
أجمل ما أحب في هذه الحياة رياضية التأمل التي أمارسها وأنا أسير على الأرصفة وخلف الأفنية أو حتى في خيالي وأنا أتكئ على عمود "ألوان الطيف" لأنقل إليكم مشاهد من الحياة ينبغي أن تعيشوها مثلي لتستشعروا أن في الحياة الكثير مما لم نفعله أو نراه، ما الذي تجنونه وأنتم تمضغون أغصان القات مراراً وتكراراً تحيط بكم الأدخنة من كل جانبٍ وتبدون سكارى وما أنتم سكارى! حاولوا الخروج من دائرة الروتين وحاربوا الرتابة بالسير على الأقدام وتأمل الأزهار والاستماع إلى تغريد العصافير سواءً منكم من كان وزيراً أو فقيراً الكل يحتاج لساعات ألفة مع الطبيعة يتأمل فيها السماء والجدران ووجوه البشر وأعينهم، اخرجوا للبحث عن بقايا ترف روحي لم تحصل عليه كاملاً في وطن كل ما فيه يئن من سوء التغذية الجسدي والفكري والعاطفي.
هيا قفوا في وجه متاعب الحياة، إلعبوا مع الأيام لعبة اللامبالاة، ألا يقول الشباب الصغار جملة شعبية رائعة؟ "طنّش تعش وتنتعش"! وأنا أزيد عليها "تأمل لتندهش"، صدقوني رياضة التأمل هذه تخفف كثيراً من ضغوطات الحياة التي نعانيها وتكسبنا مفاهيم وخبرات جديدة، كونوا أصدقاء للطبيعة ولكن بينكم وبين الحيوانات والنباتات علاقة وطيدة، ليس شرطاً أن يكون للمدير العام أغنامٌ خارج مكتبه، وليس من الضروري أن يقضي رئيس تحرير وقتاً طويلاً في تأمل لغة الحمائم على أسطح الجيران، ومن غير المعقول أن تبحث الطبيبة أو الوزيرة عبر عالم الحيوان عن لغة ناعمة لافتراس الزوج الذكر والسيطرة على عواطفه.. لكن من الضروري جداً أن يكون لكلٍ منا رغبة في التأمل وكسر الروتين والخروج عن حدود الرسميات.
بل أجد من الضرورة أن يتمتع كلٌ منا بعيني أسد حادتين ووثبة غزال رشيقة وهدوء أفعى ساكنة ورومانسية حمامة وديعة وجموح صقرٍ محلق..
ألطاف الأهدل
إضحك على الأيام! 2179