الاستبداد السياسي يصنع الإرهاب.. وكليهما صنيعة غياب الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية.. ذلك أن الديمقراطية باعتبارها منظومة متكاملة تتيح فرصة لجميع مكونات وفئات وتوجهات أفراد المجتمع.. كما أن "الفقر" هو صنو الجهل.. وصنو "المرض".. واجتماع ثلاثتهم يدفع الشعب إلى الكفر بالدولة ويميت في النفوس كل شعور وطني".. لذا يصبح من السهل، وقد تهيئة الظروف، التحول للفوضى والخراب..
فطوال العقود الماضية من عمر الجمهورية اليمنية، وأكثر تحديداً عقود عبث النظام العصابي بزعامة المرفوض شعبيا وأمميا علي عبدالله صالح، وعنوان اليمن لا يتجاوز : العبث بحقوق المواطنين وتجاهل استغاثات المقهورين.. وإقصاء الآخر.. والنيل من كرامته والانتقاص من آدميته.. والارتداد إلى عهد الشمولية والاستقواء بالمليشيات وحلفاء الفيد.. وأجهزة القمع.. وترهيب أصحاب الرأي.. وممارسة الابتزاز وحملات التخوين والتحريض ضد نشطاء العمل السياسي..ومحاصرة الكلمة ومسخ التعددية واستنساخ الأحزاب واستهداف الصحافيين.. والتحكم بالمعلومات.. وتدمير القيم.. وتعميم الفساد.. وترسيخ الأمية، مع الاستمرار في نهب الثروات وإغراق المواطن في دوامة الحاجة المعيشية، والشكوى الدائمة، وإفشال محاولات التمدن، ومؤسسة الدولة.. ووو إلخ المآسي..
لا شك أن صمام أمان اليمن أرضاً وإنساناً يتجسد في حماية وتجذير مبادئ التعددية وتوسيع الهامش الديمقراطي في البلاد من خلال إحداث إصلاح سياسي شامل، وتعزيز وحماية حرية الصحافة، والعمل الجاد والمخلص من أجل تعزيز البناء المؤسسي للدولة، والقضاء على مراكز القوى التي أصبحت تشكل دويلات وإقطاعيات لا تقهر!!، والسماح بوجود توازن سياسي يقي البلاد والعباد ويلات الفردية والجهوية العشائرية.. وإتاحة الفرصة أمام الجميع للمشاركة في بناء اليمن.. وإقرار الحكم الرشيد.. وإطلاق حق الحصول على المعلومة ونشرها.. وحق العمل والمشاركة لكافة أطراف المنظومة الديمقراطية كشركاء لا كأجراء!!
وكواحدة من آليات مواجهة الإرهاب في الوقت الراهن، أعتقد أنه من المهم جداً إعادة هيكلة الجيش وأجهزة الأمن الخاصة، وتطهير بقية الأجهزة ومرافق الدولة من بقايا العهد السابق المتورطين بجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان وقضايا الفساد ونهب المال العام، مع العمل على إطلاق الحوار مع مختلف أبناء اليمن دون إقصاء أو أبعاد احد والبدء بإعداد دستور جديد يضمن ممارسة جميع مكونات الشعب اليمني ومختلف فئاته على أساس المشاركة والمواطنة المتساوية..
كذلك من المهم كضرورة مصيرية التنبه لقضية التعليم.. لان هناك من عمل طوال سنوات العقود الثلاثة الماضية على تجهيل الشعب اليمني وتوسيع رقعة الأمية والجهل، وتشويه المخرجات التعليمية من أجل ضمان استمرارية حكمه المنتج للفساد والعبث والاستئثار بمقدرات وخيرات اليمن.. لذلك على حكومة الوفاق الوطني والرئيس عبدربه أن يضعوا مسألة التعليم في أولويات مهامهم، كذلك على النخب السياسية ومنظمات المجتمع المدني أن تولي هذا الأمر الوطني الكبير اهتماماً متقدماً يترجم لأفعال وبرامج وأعمال عملية حقيقية..
إشارة الختام لـ "محمود درويش" سأقول مردداً معه:
"كونوا نشيد الذي لا نشيد له،
عندما تذهبون إلى النوم
هذا المساء أقول لكم:
"تصبحون على وطن حملوه
على فرس راكضة،
وأهمس يا أصدقائي لن تصبحوا مثلنا..
حبل مشنقة غامضة"!
*الرئيس التنفيذي لمركز التأهيل وحماية الحريات الصحافية CTPJF
/ أمين عام جائزة الصحافة والإعلام اليمني
ctpjf@hotmail.com
محمد صادق العديني
ببساطة أقول : الإرهاب!؟ 2162