مدد يا شميلة، مدد يا "أبو الحربة"، مدد يا مارس جرجس، يا سريع الندهة: كما أنقذت فتاة من فم التنين، قالت لنا الكنيسة الأرثوذكسية، أنقذ أعمدة الكهرباء من أبو خبطة..البارحة كنتُ أبحث عن ما ورائي قدير ينقذ أعمدة النور من الظلام. قرأتُ عن العذراء التي حوّلت امرأة مصرية رفضت أن تقرضها "رحاية" إلى سلحفاة، تحمل رحى فوق ظهرها قلتُ في نفسي: مدد يا عذراء، انشري السلاحف على ظهور عصابة الخمسة.. خطر لي هاجس غريب.. إما الخضر أو اليهودي التائه قلتُ للخضر: الكهرباء يا خضر.. بيد أن الخضر كان قد دخل في التاريخ إلى غير رجعة.. اتجهت لليهودي التائه، كارتافيلوس ذلك الذي كان يقف أمام المحكمة التي أدانت المسيح، ولما خرج الأخير نهره كارتافيلوس أسرع، فيمَ التلكؤ؟ فالتفت إليه المسيح: سأمضي، ولكنك ستبقى إلى أن أعود.. ومنذ ذلك الحين، كما تقول الأسطورة التي أيدها المؤرخ الألماني كروتزر سنة 1602م، واليهودي يجوب العالم يحسن إلى الناس وينشر الخير والرحمة.. يا كارتافيلوس، احرس معك أعمدة الكهرباء ما بين صنعاء ومأرب.. وكعادة اليهودي، الذي لم يتدخل سوى مرة واحدة في شأننا اليمني ضد الثورة، تركنا كارتافيلوس، وقيل اسمه جوزيف، لشأننا الخاص، وانطلق إلى الشمال يزيّن وجه أوروبا ويتابع بطولة الأمم الأوروبية، ويشجع المنتخب الأسبان.
لا بد من حراسة أعمدة الكهرباء، والقبض على المخرّبين، قلتُ لنفسي.. حسناً.. سلاح الملاذ الأخير من الكاتبة الأيرلندية "ماري كيللي".. أسست كيللي لوناً خاصاً من ألوان المسرح العالمي عرف فيما بعد بـ"دراما القرية" وقد كتبت عقب الحرب العالمية الأولى مسرحيتها الشهيرة ذات الفصل الواحد "التعويذة" وكما يتحدث العنوان، فبمقدورنا أن نتعامل بجدية مع مقترحها في الداخل.. على المسرح: تقف امرأة عجوز أمام كوخ قذر في قرية نائية إلى الشمال من مقاطعة ديفون، تدخل ابنتها منزعجة: أماه، لقد ذهب كل شيء.. وعلى الفور تكتشف العجوز أن كل شيء قد انتهى: الثور، البقرة، العجل، الدجاج تتدخل ابنتها: يبدو أن الإله يريد هذا يا أمّاه، فترد عليها الأم: لا يا يا ابنتي، ليس الإله، إنها مدام أنديكوت، هي التي تفعل كل هذا بنا، وسأجعلك تتيقنين الآن من صحة كلامي تقوم العجوز بزرع مجموعة من المسامير في كتلة لحم موضوعة في حجرها: إنها قلب ثور مخصي، يا ابنتي ورافضة اعتراض ابنتها بشجاعة تضع قلب الثور المخصي، المطرز بالدبابيس، على الموقد. بعد لحظات تسمع طرقات خفيفة على الباب تتسمر المرأتان في مكانيهما هنا تختم كيللي مسرحيتها بنتيجة متوقّعة: بعد وقت قصير نهضت العجوز وفتحت الباب وبصوت لا تبدو عليه أي من علامات الإرباك قالت لابنتها التي انكمشت في ركن الكوخ: لا بد أنها ميّتة يا ابنتي، إنها مدام أنديكوت.
لنجرب هذا الحل: قلب ثور مخصي مطرّز بالدبابيس بالقرب من كل عشرة عمدان كهرباء بعد دقائق سترون عصابة الخمسة جثث متعفّنة.. إلا إذا كان عند معاليك حل أفضل، يا قحطان بِك؟
موعدنا بكرة،
نهاركم سعيد.
× المقالة معدلة عن مقالة سابقة للكاتب، نشرها في صحيفة النداء 2008.
مروان الغفوري
قلب ثور مخصي 2843