يجب أن يتسع الأفق السياسي للحفاظ على النسيج الاجتماعي, لا مجال للحجج والمناكفات السياسية والقبيلة والسلطوية والجهوية, لا بد أن نطوي الماضي لصنع حاضر جميل ومستقبل زاهر ينعم به جيلنا والأجيال المتعاقبة في الجنوب والشمال, في الشرق والغرب.
يجب أن نؤمن بالتغيير وأن تظل مسيرته مستمرة نشطة, يجب أن نغير للأفضل والتغيير لا يعني التهميش والإقصاء والتخوين والنسب الحزبية والولاءات القبلية والتجارية.!
التغيير يبدأ من صقل النفوس لصنع ضمير حيُّ، التغيير يبدأ من الأفكار، التغيير يعني التطهر من أفكار الفساد عن طريق خلق جهات رقابية فاعلة وإشراك الجميع باتخاذ القرار وتفعيل مبدأ (أين ذهب هذا؟) ...بدلاً من (من أين لك هذا؟) لأن هذا السؤال في هذه الآونة أصبح من السهل الإجابة عليه.. لكن أين ذهب هذا وما أنجز على أرض الواقع يظل صعباً.. وهنا يكمن مفهوم الرقابة.
علينا أن نؤمن جميعاً بأن لكل فرد في أي مكان وفي أي زمان له جوانب إيجابية وجوانب سلبية, وما علينا سوى أن ننمي الجواب الإيجابية ونكبح الجوانب السلبية, فليس هناك شر مطلق أبداًً.. وعلى النقيض أيضاً من ذلك..وهذا لا يعني أن لا نغير ولكن يجب أن لا يخلد الناس في مناصبهم وفي أفكارهم وفي سلطتهم وخاصة من هم على رأس الهرم وعلينا إشراك موظفي وعمال المرافق في الرقابة كلاً حسب موقعه وخلق مجلس إدارة في كل وحدة؛ لكي لا يتفرد الوزير والمدير العام ومدراء الإدارات والمسئولين عموماً في اتخاذ القرارات ، ودائماً علماء الإدارة يرددون أن القرار التشاوري دائماً طويل الأمد وأكثر حكمة من القرارات الدكتاتورية.. كما يقولون أيضاً أنه بعد مرور أي موظف أو مدير في أي مرفق كان أكثر من أربعة أعوام فإنه بذلك يفقد البصيرة في التغيير وتتلبد فيه الأفكار نظراً لعدم التجديد وتعوده على نمط معين من الإدارة.. وبالتالي فالتغيير يعني تجديداً للأفكار وللنشاط وللتقدم ومن هنا نشعر بأهمية الدورات واللقاءات وورش العمل والاجتماعات الدورية حتى داخل المصلحة نفسها.؛ على أن ألا تعمل من أجل تصفية الحسابات المالية السنوية فقط!.
لكن وللأسف الشديد وبعد مرور شهور عجاف على حكومة الوفاق, إلا أن الوضع العام الذي يتلمسه المواطن ويتمنى أن يراه أفضل مازال كما هو، ليس هناك خطوات على أرض الواقع, بل وفي بعض الأمور زادت سوءاً وعلى رأسها الكهرباء والمياه في المناطق الحارة بالذات... مما خلق شعوراً مغايراً عند العامة في تلك المناطق بنوع من التراجع والتقهقر والنكوث بالوعود التي كانت تقال.. وجعلت منها مادة دسمة في خلق الانعزال عند مروجي وتجار المواقف.
نعلم أن المعوقات الموروثة كبيرة لكن تطلعات الناس أكبر، نعلم أن الماضي كان أليماً لكنهم يتمنون واقعاً جميلاً، نعلم أن التداخلات كثيرة لكننا نريد طريقاً واحداً معبداً نمشى عليه برؤية وبأفق معلوم الملامح كتلة واحدة، لا نريد من تلك المشاكل شماعات التمزق والتهكم على هذا الوطن لإيجاد لاعبين جدد على ساحات المصلحة الفردية لا الوطنية كما يدعون؛ كي لا نخلق منظرين يكذبون ومن كثرة كذبهم يصدقون ثم يؤمنون بأن الوطن اثنان وأن الماضي السحيق كان روعة وجمالاً، وأنهم لو فازوا بمشروعهم الصغير لبلغوا الجبال، وكأنهم ملائكة كرام لم يخطئوا في السابق وكيف تقاسموا تلك المناطق وكيف كانت تلك الشعارات في المواقع وكيف كانت جرعات الدم تملأ المساطب والمعالق، ألم تذكروا أن البيض كان يأتي صدقة من رومانيا والمجر وبلغاريا وأن وأن؟وكان الكل في الداخل والخارج يشمئزون من أفكارهم فهذه الثروات هي تلك الثروات في الماضي وذلك البحر هو هذا البحر لكن ما اختلف هي العقول وما بداخلها من أفكار ومعتقدات؟!!.. تحرروا من أفكار التفرقة والتمزق والتشرذم، أذكروا الماضي بصدق واعملوا على حسن الحاضر بفعل... وكل من موقعه صغيراً وكبيراً ولا كبير إلا الله..
نحن بحاجة لنتصالح مع أنفسنا أولاً، ولتحرير أفكارنا ثانياً، وبالفعل والعمل ثالثاً وأخيراً... علينا أن نتقبل بعضنا البعض, فالاختلاف في الأفكار يعطي أفكاراً جديدة وسلوكاً جديداً يتعاطى مع الواقع بمرونة, يكفينا مهاترات, يكفينا مناكفات, يكفينا خضوعاً وخنوعاً للغير, لنكن كتلة واحدة لا تنصاع لمبادرة وتوصيات غربية وإملاءات شرقية وتوجيهات بن عمرية, نحن الحكمة, نحن الحضارة, نحن التأريخ, فلما نصغر من أنفسنا ونمد الأيدي لغيرنا ونحن نملك الكثير, لكننا في المقابل نملك الكثير من الكلام أما الفعل والعمل فلا نملكه,, علينا أن نعمل وكل من موقعه, يكفيكم تنظيراً وبث روح الفرقة وإدعاء النزاهة, أثبتوا جدارتكم وقوتكم وتقدمكم وثقافتكم, أعلوا هاماتكم على أرض الواقع .. شعب فالح في مضغ القات وإهدار المال العام واجترار الكلام!.
هل يا ترى سنظل نعشق التغيير ونحن لم نغير أنفسنا ونعشق العمل وأيدينا مازلت منطوية على أجسادنا ممدودة للشحت لغيرنا ونعشق الوحدة ولساننا يجتر من مآسينا، ونحلم بمستقبل وواقعنا أقصر من ماضينا؟.. أسئلة أطرحها للساسة, للقادة, لكل اليمنيين وللعروبة الصامتة.!
agrfaisal@gmail.com
فيصل أحمد الشميري
التغيير... كيف نطهر أفكارنا؟ 3729