منتصف الأسبوع، اليوم.. من المناسب أن نجري بعض التوضيحات، لا الترميمات.. صحيح أن اليمنيين لا يرتدون الكرافتة, لكن يغلب عليهم طابع الكرافتة: عيب، وما يصحش، ومش كذا، وخليكم مؤدبين.
عندما قلتُ إن وزير التعليم العالي، وهو بروفيسور كيمياء تحليلية، تحوّل إلى أتوبيس خاص للعائلة وصلتني سلسلة جبلية من الاحتجاجات.. في الغالب تمكّن كثيرون من تذكيري بتلك الحقائق التي تجعل من متجاوزها مروعاً ومريعاً, لم يكن من المناسب، كما قيل لي، أن أتحدث عن عائلة الوزير، فهذه سفالة أعلى من الحد المسموح به بطابقين أو ثلاثة, كما أني تعاملت مع الشكوك، قيل أيضاً، كما لو كانت حقائق وانطلقت في حديثي بسرعة بطلجي في الدقيقة.. بيد أن الوزير، رغم كل ذلك، لم يأبه لما سنقوله, فالفائز يبقى وحيداً، كما يقول باولو كويلو، بينما ينال الخاسر كل شيء، بحسب زعم غراهام غرين.
توقيع: أنا المواطن اليمني مروان الغفوري، أتعهد أمامك يا معالي الوزير أني لن أكتب بعد الآن عن أسرة أحمد الشعيبي، ولا عن عائلتك الأصغر, لي فقط طلب صغير، بالمقابل: أن لا تعملوا في الخدمة العامة، وأن لا يكون وجودك في المنصب العام امتيازاً لأناس آخرين، أقربائك مثلاً.
من أراد أن نبقيه بعيداً عن النقد والفحص والتصحيح بالأحمر والأسود، فليسلم عهدته ويعود إلى بيته، ونحن لن نشير إليه بعد ذلك حتى يموت.. غير أنه أيضاً من غير المحتمل، يا لابسي الكرافتة المحترمين، أن يزج أحدكم بكل العفش الخاص به في أدوار الوزارة العشرين، مثلاً، ثم يقول بصوت بليغ: هذا عفشي، إياكم أن تمسوه بسوء فيحل عليك موعدي.. تعلم جيداً يا معالي الوزير أن البيت هو المكان المناسب للعفش، لا في طوابق الوزارة أو ملحقاتها..
باختصار، ووضوح: من أراد أن لا يقترب أحدٌ من أسرته الكريمة فإن عليه أن يبقيها بعيداً عن الوظيفة العامة, أما ذو الكرافتة الأنيق الذي ينط كل خمس دقائق بجملة "من أنت لتقول عنّي ما تقوله؟" فعليه أن يعرف أني واحد من ملائكة السيئات، وهم كثيرون ولن يصمتوا بعد الآن.
كان أوباش صالح يخاطبوننا بجملة "لا تتطاولوا على أسيادكم" ولم نكن نتطاول، كما لم يكونوا قط أسياداً بل لصوصاً وقتلة، يرتدون ربطات العنق.. وعندما مات صالح ودفن في الزبالة في مشهد مهيب، كما يقول التاريخ، جاء طوفان نوح.. أما نحنُ فمهمتنا المقدسة أن نأوي إلى جبل لا يموت، اسمه الشعب، وأن نوقف الخراب.
كتب الراحل أمل دنقل عن لحظة وصول الطوفان في مدونته "مقابلة خاصة مع ابن نوح":
هاهم الجبناء يفرون نحو السفينة
بينما كنتُ، كان شباب المدينة
يلجمون جواد المياه الجموح
ينقلون المياه على الكتفين
ويستبقون الزمن
يبتنون سدود الحجارة
علهم ينقذون مهاد الصبا والحضارة
علهم ينقذون الوطن
صاح بي سيد الفلك – قبل حلول السكينة -
"انج من بلد لم تعد فيه روح "
قلت :طوبى لمن طعموا خبزه
في الزمان الحسن
وأداروا له الظهر ، يوم المحن.!
مروان الغفوري
عائلة الوزير .. 3207