نداء استغاثة إلى كل من يهتم بصحة الإنسان اليمني أن يساعد هؤلاء الطلاب والطالبات حتى يتعلموا تعليما صحيحا، ما يقارب من (900) طبيب وطبيبة ستقذف بهم الجامعة إلى الواقع بلا تأهيل سليم لتزيد حالات الأخطاء الطبية وتتراكم الملفات الساخنة في مجال الصحة..
لا نريد أن يتخرج هؤلاء الطلبة ليمارسوا القتل باسم الطب، إن تجهيلهم معناه أن الجامعة التي ستخرجهم هي التي سمحت بقتل المرضى على أيديهم في المستقبل، ومعناه أن المستشفيات الحكومية التي رفضت استقبالهم للتطبيق شريكة في هذا القتل !
متى سيتوقف الاستهتار بتأهيل الأطباء في بلادي؟!!
أتمنى أن تولي رئاسة الجامعة هذا الملف الاهتمام الأول لأنه الأخطر، فبدلا من أن تخرج الجامعة أطباء مهرة يعالجون أمراض الناس سوف تخرج قتلة بشهادات رسمية..
طلبة طب جامعة صنعاء خارج قاعات الدراسة لأنهم لم يجدوا فيها علما يؤهلهم لمهنتهم، يرفعون أصواتهم ليتعلموا كيف يمارسون الطب، ولا يتظاهرون ليصلوا إلى مناصب سياسية، أو يحصلوا على مكاسب خاصة، هم لا يطالبون بأية امتيازات إنهم فقط يريدون أن يتخرجوا أطباء قادرين على ممارسة الطب عن فهم..إنهم فقط يطلبون بأن يُسمح لهم في المستشفيات الحكومية بمراقبة أداء الأطباء على الواقع، يريدون أن يربطوا العلم النظري بالتجربة العملية، فهل هذا كثير عليهم؟! وهل يجوز أن يتخرجوا من كلية الطب وهم لم يتعرضوا لأي تطبيق عملي؟! إنهم على أهبة التخرج أطباء، لكن بدون تطبيقات عملية، ولذلك لم يستطيعوا الصمت، وتجمعوا من أجل التعليم الحقيقي في مظاهرة أمام إدارة الجامعة في الأيام القليلة الماضية.
شباب وشابات في منتهى التحمس للتعليم لكن من سيعلمهم وكليتهم لا تمتلك مستشفى تعليميا داخلها مثل كليات الطب في كل بلاد خلق الله؟ من سيؤهلهم وجامعتهم لم تكلف نفسها حتى التنسيق لاستقبالهم في المستشفيات الحكومية للتطبيق العملي؟
إن أغرب ما يشكو منه هؤلاء الطلبة(أطباء المستقبل) إن المستشفيات الحكومية طردتهم، لأنهم لم يدفعوا مقابل التطبيق، وبخاصة ( المستشفى الجمهوري) الذي يشكو من الطلبة بأنه تعامل معهم وكأنهم تجار قادرون على تمويل المستشفى، أو متسولون يقتحمون مكانا ليس لهم علاقة به، أو قطاع طرق يعرقلون زملاءهم من المستشفيات الخاصة.. طلبة كلية الطب استنفدوا وقتهم وجهدهم في البحث عن مستشفى حكومي يقبلهم للتطبيق، ولكن الجميع لا يرحب بهم ؛ هذا يطالبهم بدفع قيمة الدخول، وهذا يعتذر لهم بأن يبحثوا لهم عن مكان آخر لأن جامعتهم لم تنسق مع المستشفى، وهذا يسخر مما قدموه من دعم للمستشفى حتى يستقبلهم.
يقول الطلبة: إنهم ترددوا على مستشفى الكويت الذي يُعد مستشفى تعليميا لجامعة صنعاء رغم خلوه من مقومات المستشفى التعليمي لكنهم لم يجدوا فيه من الحالات ما يمكنهم من إتقان تخصصاتهم، وأنهم توجهوا إلى المستشفى الجمهوري فوجدوه مملوءا بطلبة كلية العلوم والتكنولوجيا، وحينما أرادوا الدخول للتطبيق مع زملائهم من المستشفى الخاص، تم منعهم، وأجابهم المسئولون هناك بأن جامعة العلوم والتكنولوجيا قد تعاقدت مع المستشفى لاستيعاب طلبتها فيه ودفعوا مالا لذلك، وأن على طلبة جامعة صنعاء الدفع نظير التطبيق ابتداءً من قيمة بطاقة الدخول إلى قيمة ساعات المشاهدة في المستشفى، وهناك بعض التساؤلات حول هذا الموضوع: لماذا لم يطبق طلبة كلية العلوم والتكنولوجيا في مستشفى جامعتهم الذي لديه من الإمكانيات ما يمكنهم من التأهيل؟! ولماذا جامعة صنعاء لم تفعل مع طلبتها مثلما فعلته جامعة العلوم والتكنولوجيا؟! وهل يجوز أن يصبح طلبة طب جامعة صنعاء –الجامعة الحكومية الأم – ملطشة إلى هذه الدرجة؟! هل يصح أن يكون طلبة أقدم جامعة يمنية حكومية يقارب عمرها الخمسين عاما أقل اهتماما وأضعف تأهيلا من طلبة الجامعات الأهلية؟! المعروف أن جامعة صنعاء هي أولى الجامعات الحكومية في اليمن، فالأجدر أن تكون الأولوية لطلبتها في المستشفيات الحكومية، وتكون الأولوية في المستشفيات الخاصة لطلبة الجامعات الأهلية، أو أن يتم تبادل الخبرات، بحيث يتم استقبال طلبة جامعة صنعاء في مستشفى العلوم والتكنولوجيا للتطبيق العملي، ويتم استقبال طلبة جامعة العلوم في المستشفيات الحكومية، أو أن يتم التنسيق بين الجامعات الحكومية والجامعات الأهلية على آلية وطنية لتوزيع الطلبة على المستشفيات الحكومية والأهلية للتطبيق بدون تمييز..
ينبغي ألا يتخرج أي طبيب من أي جامعة (حكومية أو أهلية) إلا بعد أن يستوفي ساعات التأهيل النظري والعملي ويتقن ما تعلمه، لأنه سيتعامل مع أرواح البشر بعد تخرجه، وليعلم الجميع أن جميع طلبة كليات الطب اليمنية(الحكومية والأهلية) سيتخرجون أطباء لأبناء هذا المجتمع وأن الأخطاء الطبية ستوزع على أفراد المجتمع دون تمييز في المستقبل إن لم تضع الحكومة حدا للاستهتار بهذه المهنة..
أستاذ المناهج وطرائق التدريس المشارك بكلية التربية –جامعة صنعاء suadyemen@gmail.com
د.سعاد سالم السبع
طلبة الطب البشري بجامعة صنعاء يرفضون التجهيل..فهل من يسمعهم؟! 2006