تختزل مأساة المواطن اليمني العديني أحمد الجعوش ونجله عيسى, اللذين سقطى قتلا وعدواناً على يد متنفذ طائش ارتكب جريمته الآثمة, بدم بارد، ثم حظي برعاية وحماية المتنفذ الأكثر عدواناً "صادق بن علي محسن باشا", ونجله "جبران"..
أقول: تختزل صورة وحجم الاختلال الحاصل في بلاد اليمن عموماً، حيث غياب سلطات القضاء والقانون.. لكن مأساة المواطن اليمني العديني – أيضاً – الدكتور/ أحمد العامري، المغيب اختطافاً قسريا – للمرة الثانية – في سجون الباشا، الذي وجه بقصف منزله وتدميره واختطاف العامري وحجز زوجته وأطفاله تحت الإقامة الجبرية المسلحة..
مأساة العامري وما حدث ويحدث له وعائلته تختزل محنة اليمن على مختلف الاتجاهات والمجالات, وأبرزها مفهوم اليمن كوطن، والدولة كمعنى وصيغة نظام، والمجتمع كقيم وسلوك..
إن مديرية العدين بمحافظة إب تشهد أحداثاً مأساوية يقف وراءها المتنفذ صادق الباشا ونجله, وكلاهما يواجهان انتفاضة ثورية سلمية من مواطني العدين, حيث يواصلون منذ عدة أشهر اعتصاماتهم السلمية في ساحة "نصرة المظلوم", احتجاجاً ضد سلسلة من الانتهاكات الصارخة لحقوق وكرامة الإنسان, فضلاً عن جرائم السلب والنهب والاختطافات والتقطعات وزعزعة أمن وسلامة العدين وأهلها.. وجميعها مآسٍ بدأت وظلت تتواصل منذ ابتليت منطقتنا الخضراء بالمتنفذ الباشا الذي ظل مع السنوات يتكاثر ويتناسل ويمتد ويتمدد متوسعاً بشكل عزز سطوته ضعف همة المسئولين ومنظومة حكم الفساد..فأصبح الباشا عضواً في المجلس الاستشاري, وتوزع "عياله " وعيال إخوته وأولاد "عمومته " على بقية الهيئات والمرافق الحكومية : واحد في مجلس النواب ممثلاً للدائرة وآخر في المجلس المحلي للمحافظة، وهناك من هم مسئولون عن مجلس محلي المديرية، والخدمة المدنية والمراكز التعليمية، والوحدات الحسابية والضمان الاجتماعي، والصحة، والكهرباء, و و و و, وحيث وليت وجهك وجدت الباشا و"العيال" مسئولين و مشايخ وأصحاب قرار ومصدر بؤس ومآسٍ, وفي الآماكن التي لا يوجد فيها باشا لن تجد سوى مسئول تابع أو غلام خانع..
ومع أن هناك العشرات من وقفات الاحتجاجات والتوجيهات والتقارير الرسمية وغير الرسمية، إلا أن الباشا وعصابته يواصلون جرائمهم بحق حياة وكرامة المواطنين..
وكان العشرات من ضحايا الباشا قد نفذوا أواخر الشهر المنصرم وقفة احتجاجية أمام مبنى رئاسة الوزراء، استمرت طوال اجتماعات المجلس،الذي أرسل بمن يأتيه بشكوى المتجمهرين، فسلموه شكوى عنوانها "أغثنا يا باسندوه" تضمنت شرحاً تفصيلياً لما يحدث من ظلم وانتهاكات في العدين، وجاء في الشكوى : " فإن كنتم يا دولة رئيس الوزراء تعتبروننا من مواطني هذا اليمن الغالي علينا وإن جار أو ظلم.. فألحقونا رسمياً وعملياً بهذه الدولة، وتحملوا مسئوليتكم الوطنية والإنسانية تجاهنا.. أغيثونا من ظلم وفساد وجرائم وسجون المتنفذ الباشا وعياله وعصاباتهم وتواطؤ مدير عام المديرية ( القابع في منصبه منذ قرابة 16 عاماً), ومسئولي أجهزتها الأمنية وقيادة أمن المحافظة..
واختتم المتجمهرون احتجاجاً شكواهم، يخاطبون رئيس وأعضاء حكومة الوفاق الوطني :"نناشدكم الله ونستنهض ضميركم سرعة تدخلكم العادل إحقاقاً للحق ودرءاً لحرب واقتتال قد نجد أنفسنا وبدافع اليأس, ونحن نكتوي بجلد الفاجر وعجز الدولة، نقول قد نجد أنفسنا مكرهين، مجبرين، على حمل السلاح للاقتصاص من ظالم معزز بالنفوذ والسطوة يمارس في حقنا كل يوم القتل والاختطاف والترهيب والاعتداء، ويورثنا لعياله وعصاباتهم جيلا بعد آخر ".
• ختاماً ( مقتطفات عابرة ):
§ بشرى الجعوش، الفتاة التي فجرت ثورة العدين, فكانت "ساحة نصرة المظلوم", قالت لدولة رئيس الحكومة، عندما قابلته: "نشتي دولة تحكمنا وحكومة تنصفنا ".
§ أما والدة الدكتور العامري المختطف في سجون الباشا، فقد قالت لمعالي وزيرة حقوق الإنسان :"قالوا تغيير.. أينه هذا التغيير وابني وزوجته وعياله في حبس الشيخ صادق بن علي "؟!.
§ إذن.. طلب الأولى يمثل مطلب كل اليمنيين منذ عشرات من سنين القهر وغياب سيادة الدولة وتنامي نفوذ مراكز القوى وعصابات نهب الحقوق وانتهاك الكرامة.. فيما تساؤل الثانية تردده اليمن بأكملها أرضاً وإنساناً قيماً وأخلاقاً..
- "نشتي دولة تحكمنا وحكومة تنصفنا ".
- "قالوا تغيير.. أينه هذا التغيير.."!؟
*الرئيس التنفيذي لمركز التأهيل وحماية الحريات الصحافية CTPJF
ctpjf@hotmail.com
محمد صادق العديني
ببساطة أقول : هنا العدين..!! 2389