إنه يوم الجمعة، ذلك اليوم المعظم لدى المسلمين, تشير الساعة إلى حوالي الثالثة بعد الظهر وهو وقت يسود فيه السكون, وإذا بهاتف المنزل يرن، ترفع الوالدة السماعة فإذا بأحدهم يقول: اسمعي ثم يسمعها صوت شخص يتعرض للضرب وهو يئن ويصرخ ويستنجد بأمه , لم تستوعب الوالدة الأمر أغلقت السماعة , رن الهاتف من جديد ويتكرر نفس الصوت والتعذيب تغلق الوالدة السماعة فيرن الهاتف من جديد توجست الأم كثيراً وراحت تهرول نحو الصالة لتنادي الموجودات من النساء لحظتها وهي مازالت غير مستوعبة لماهية هذه الاتصالات , وتصرخ فيهن ارفعن سماعة الهاتف واسمعن هناك اتصال غريب اسمع من خلاله صوت ضرب وأحدهم يتوجع ويصرخ, ترفع إحداهن السماعة ويتكرر نفس الأسلوب؛ هذه لم تتحمل أيضاً وأغلقت السماعة وهي تؤكد كلام الوالدة فتسألها الوالدة انظري إلى الرقم فترد عليها :إنه من السعودية تصرخ الوالدة وتقول لاشك أن أحد أولادي يتعرض للضرب في السعودية يرن الهاتف من جديد تهدأ الوالدة منصتة لترفع إحداهن الهاتف وهي صامتة فيقول المتصل: أيوا ليتأكد أن هناك من يسمع فتسأله: من أنت؟ فيُسمعها الضرب والصراخ والأنين والاستنجاد تقول: وكأن أحدهم مقيداً ويتعرض لضرب شديد وينادي لأمه ويقول إنه سيموت من الضرب, عند الاتصال السادس والذي وصلت فيه الوالدة لحالة من الهستيريا وأخذت تصرخ وتبكي وصور أولادها تلوح بين عينيها, حينها يبدو أنه سمع صوت الوالدة وقد بلغت من العذاب مبلغه فتيقن أنه حقق الهدف وأحرق فؤاد أم بأولادها , ولأن هذا الوقت بالنسبة لمن هم في السعودية هو وقت قيلولة فقد كانت الجوالات إما مغلقة أو على الصامت وبعد حوالي ساعة ونصف من العذاب الشديد تطمئن الوالدة على أولادها وأن الأمر لا يعدو أن يكون حركة رخيصة من نذل جبان لم يراعِ مشاعر النساء ولا سن الوالدة ولا مرضها وارتفاع نسبة السكر لديها , لحظات عصيبة مرت بها الأسرة وحالة من الهلع والخوف سيطرت عليها .
لم تكن هذه أحداث فيلم مرعب يعرض على إحدى قنوات الرعب الشهيرة، بل هو أحداث واقعية جرت في منزلنا الجمعة الماضية , ومن المؤسف أن يصل الانحطاط بالبعض إلى هذا الحد الفظيع وليس من الرجولة ولا حتى من أدنى درجاتها أن يواجه أحد ما نساءً بهذا الانحطاط البالغ خاصةً إن كنّ مسنات , إن هذا التصرف الجبان الذي يستنكره كل يمني حر لا شك أنه لا يحدث من يمني مهما كان الاختلاف معه ولسوف تكون دمعات أمي لعنات عليه بإذن الله ستصيبه بما يستحق وإنها امرأة تصوم الاثنين والخميس وتقوم الليل ولها مع الله خلوة حين يتنزل الله إلى السماء السابعة وإن دعوة أم فجع قلبها لن تخطئ هدفها بإذنه تعالى, ويبدو أنها رسالة خاصة من أحدهم فلا أعداء لنا ولا مشاكل مع أحد بإمكانه أن يرتكب مثل هذا الجرم، كما أن هذا الفعل يعد تعذيباً نفسياً لا أعتقد أن شخصاً عادياً قد يقوم به، فأقصى ما يمكن أن يقوم به مثل هذا أن يتلفظ بألفاظ سيئة، لكن أصوات التعذيب والإذلال لا يمكن أن يقوم بها إلا صاحب قلب منزوع المشاعر بلا إنسانية وهذا لن يصل إلى هذا الحد ببساطة مالم يكن مجرماً رسمياً أو قاتلاً مأجوراً , مازال البحث جارياً عن هذا الوغد ولئن أفلت من عدالة الأرض فلن يفلت من عدالة السماء وحسبنا الله ونعم الوكيل.
تغريدة..
لا يوجد ما هو أسوأ من شخص نزعت من قلبه أنقى المشاعر والتي تعد كنزاً لمن تذوق حلاوتها والأسوأ من ذلك أن يصاحبه فقدان للقيم والمبادئ النبيلة.
توفيق الخليدي
تعذيب الأم كما صورته الوقائع 1987