لا عزاء في جنودنا البواسل الذين استشهدوا في ميدان السبعين أو من سبقوهم في كود أبين وكل الوطن، إلا أن تمضي البلد إلى ذلك اليمن الجديد حيث للجيش والأمن قيمتهما وكرامتهما وتقديرهما في فكرة ووظيفة الدولة الجديدة التي نريد.
ليس الحزن والحداد أو التكريم من الأثمان المناسبة لهذا الفقد والمصاب الجلل، إلا أن يكون لهذه التضحية الكبيرة قيمة كبيرة في تحول ذهن المجتمع تجاه فكرة ووظيفة الجيش والأمن وقيمتهما التي لا تقدر بثمن لفكرة الدولة والوطن والمجتمع، حيث الجيش والأمن يحميان الوطن والمجتمع والدولة، وقبل ذلك يحمي المجتمع الدولة والجيش ومؤسساته الأمنية بوعي وطني مسؤول وتقدير فاعل لدورهما أيضاً..
لا أظن أن هناك ما هو أسوأ من هذه الجرائم البشعة التي تستهدف المؤسسة العسكرية والأمنية، إلا ذلك الخذلان المجتمعي لهما، هو الأقسى والأمر على نفسية الجنود ومعنوياتهم، أما القتل فهم يعلمون عند انضمامهم للمؤسسة العسكرية والأمنية أن أرواحهم أقرب ما يقدمونه لهذا الوطن.
أهين جيشنا بما فيه الكفاية، سواء من قبل من حرفوا وظيفته لصالح احتفاظ (الأسرة) بالسلطة، أو من يستهدفونه؟ أظن أنه آن الأوان أن تتوقف تلك الإهانة البغيضة الآن، وأن يهب المجتمع كل المجتمع إلى التلاحم والتضامن مع مؤسسته العسكرية والأمنية ودعم دورها في استعادة حضور الدولة، فالجيش والأمن هما الضمانة الأولى للحفاظ على دولة يمكن البناء عليها بعد ذلك. استمرار خذلاننا للجيش والأمن هو في الأساس خذلان لحقنا في الوجود من خلال دولة لا يمكن لمواطن أن يستغني عن وجودها والعيش في الفوضى.
لن أنتظر التحقيقات لأقول إن صالح ونظامه العائلي يتحملون مسؤولية ما جري للجنود في السبعين أو أبين أو أي مكان آخر، ففي عهدهم حرفت وظيفة الجيش والأمن، وفي عهدهم جعلا عرضة للعب السياسي الذي رخصت فيه أرواح الجنود ودمائهم.. وبسببهم أيضاً فقد الجيش والأمن احترامه عند المجتمع وتضامنه معه وصور على أنه أملاك خاصة وترك عرضة للاستهداف من كل اتجاه.
من مسؤولية صالح وأسرته عن جريمة السبعين أيضاً، إن إعاقتهم لعملية انتقال السلطة وخاصة في المؤسسة العسكرية والأمنية كان قد سبب إرباكاً أمنياً خطيراً، وهو السبب الجوهري في نفاذ الإرهابيين إلى ميدان السبعين في العاصمة وتنفيذ العملية الإجرامية البشعة، هذا إن لم يكن لهم (صالح وأسرته) مسؤولية تخطيط أو تسهيل للعملية لأغراض سياسية معلومة، خاصة أن كشف صالح عن تدهور حالته الصحية قبل يوم من الحادثة ويومين من الاحتفال بالعيد الوطني، أمر يثير الريبة والشكوك، حيث لم يسبق أن كان صالح وأسرته أو معاونوه يحرصون على الكشف عن تدهور حالته الصحية، كان العكس هو الأسلوب المتبع، ومع ذلك يستحق مثل هذا الاتهام انتظار نتائج التحقيقات، خاصة وأن رئيس الجمهورية أصدر تغييرات في مؤسسات أمنية هامة ذات علاقة.
الأهم الآن من وجهة نظري، هو أن يستيقظ ذلك الحس الوطني المجتمعي تجاه المؤسسة العسكرية والأمنية، والتلاحم معها ودعم دورها في استعادة حضور الدولة والحرب على الإرهاب واستكمال انتقال السلطة في تلك المهمة الكبيرة للتحول إلى الدولة الجديدة، دولة المواطنة والدستور والقانون والأمن والحرية والمساواة.. الخ.
تستحق قيادتنا السياسية الجديدة دعمنا، يستحق الجيش دعمنا، نحتاج إلى دعم أنفسنا ونحن نفعل ذلك كمجتمع في حقنا للحصول على دولة يمكن البناء عليها وتطويرها في المستقبل، المتخلفون لا يستحقون الانتماء لهذا الوطن.
القاعديون شر، وحربهم مهمة يمنية خالصة وحاجة لاستعادة حضور الدولة وقيامها بوظيفتها أيضاً، لا تحتاج الدولة لوجود أمريكا للقيام بذلك، أولئك القاعديون المستترون والمخذلون في المجتمع للتشويش على هذه المهمة الوطنية الجليلة بدعاوى باطلة هم أشد شراً ولا يقلون إجراماً عن القتلة والإرهابيين، يجب فضحهم وإهانتهم والتحذير منهم أيضاً..
الاثنين 21_ 5_ 2012
عبدالله دوبله
يستحق الجيش دعمنا لا عزائنا الآن 2435