يوم أمس شهدت اليمن أبشع جريمة وأفضع عملية إرهابية، إثر تفجير انتحاري استهدف وحدات عسكرية وأمنية مختلفة كانت تنفذ بروفة أخيرة استعداداً لعرض عسكري كان يفترض إن تشهده اليمن اليوم الثلاثاء احتفاءً بذكرى عيد الوحدة اليمنية الـ"22" وهذه الحادثة الإجرامية الإرهابية لا نستطيع وصفها مهما استخدمنا من كلمات وأوصاف، ويكفينا نقول أن المنظر الذي شاهده العالم بعد التفجير الإرهابي، من أكوام وأشلاء الجثث والأطراف التي تطايرات والأيدي والأذرع والسوق والأقدام والرؤوس التي انفصلت عن الاجساد، كفيل أن يجعلنا نتيقن بأن الحرب ضد الجماعات الإرهابية بمختلف توجهاتها - المذهبية والفكرية - هدف للشعب اليمني ككل ومن يحاول أن ينكر أو يتغافل فما هو إلا واحد ممن يقدمون الدعم اللوجستي لتلك الجماعات التي استباحت الأرض والعرض لتفرض أفكارها الشيطانية وتطبق علينا كتب وأسفار الشيطان باسم الدين..
لن أخوض في أي تفاصيل حول هذه الجريمة البشعة ولن أسارع إلى توجيه أصابع الاتهام صوب أي طرف يقف وراء هذه الجريمة النكراء وهنا لا أتحدث عن تبني القاعدة هذا الفعل الإجرامي الذي يضاف إلى سجلها الإجرامي البشع.. وإنما أقصد من يقف ورائه ومن سهل لهذه العملية خاصة وأنها تمت في منطقة عليها حراسة مشددة ووجود شخصيات حكومية كبيرة مثل وزير الدفاع ورئيس الأركان ونائب رئيس الأركان وعدد من الشخصيات العسكرية التي تحاول القاعدة استهدافها بأي طريقة كواحدة من ردود الفعل على الهزائم التي تتلقاها في جبهات القتال في أبين..
سأحاول أن أتحدث في الأسطر التالية عن بعض الوقائع التي تثبت الإختراق الكبير الذي تعيشه الأجهزة الأمنية، وما جريمة أمس البشعة إلا واحدة من عوامل الاختراق المتعمدة والمسهل لها أن تتم وإلا ماذا يعني تمكن جندي من الدخول بحزام ناسف دون أن يلاحظه أحد من زملائه، هذا إن سلمنا أحد جنود الأمن المركزي هو من فجر نفسه خاصة وأنه قد حضر أكثر من بروفة يوم أمس ولا بد أنه كان سيظهر عليه الارتباك والقلق خاصة والتدريبات تبدأ من الساعة السابعة صباحاً، والانفجار حدث بعد الساعة العاشرة من صباح أمس.. أما إذا أخذنا بالرواية الثانية التي تقول إنه تسلل من حديقة السبعين فالمصيبة أعظم، فأمن الحديقة يتبع جهاز الأمن القومي وقوات الأمن المركزي، وهذا يؤكد إن سلمنا بهذه الرواية أن هناك طرفاً آخر غير القاعدة يقف وراء العملية..
سبق هذه العملية بيوم واحد حادثتان إرهابيتان في محافظتي صنعاء والحديدة، حيث تم اختطاف شرطي أسباني كان في طريقه صباح أمس إلى مطار صنعاء، وتم استهداف ثلاثة خبراء أميركان في محافظة الحديدة بهجوم مسلح أصيب على أثره أحد الخبراء فيما نجا زميلاه، أضف إلى ذلك حادثة الإعتداء ومحاولة الاختطاف التي تعرض لها السفير البلغاري وزوجته في قلب العاصمة قبل نحو أسبوع وجميعها حوادث تؤكد أن هناك جهازاً على اطلاع بتحركات كل الأجانب العاملين في اليمن ويقوم بتسريب هذه المعلومات للجماعات الإرهابية كي تحقق هدفها ورغبته في آن.
ما أريد التأكيد عليه هنا أن جريمة بحجم العمل الإرهابي الذي شهده اليمن يوم أمس، كفيل أن يدفع جميع المسؤولين عن الأجهزة الأمنية ابتداءً من وزير الداخلية وحتى آخر مسؤول أن يقدموا استقالتهم بسرعة، وليسوا بحاجة لصدور قرارات من الرئيس هادي تقيل بعض المسؤولين الأمنيين، وهذا من باب الإنصاف وأقل ما يمكن أن يقدم أمام تلك الدماء الزكية الطاهرة التي سفكت، فجميعهم مدانون ماداموا متساهلين في أداء مهامهم.. كما أريد أن أنوه هنا إلى أن ثورة الشباب قامت كي نتخلص من أولئك المسؤولين المحنطين الذين كانوا عبارة عن دمى على الكراسي، فالثورة قامت لكي تأتي بأشخاص لديهم شعور بالمسؤولية التي على عاتقهم، فمتى ما شعروا بأنهم مقصرون أو فشلوا في مهامهم سارعوا للاعتذار من الشعب وقدموا استقالتهم من مناصبهم كي شعر الشعب أن هناك شيئاً من التغيير وإلا يشعر بالإحباط وأن الثورة استبدلت الدمى بأصنام..
الرحمة والغفران للشهداء الأبرار والعافية العاجلة لجميع الجرحى والهلاك والخزي والعار لكل من تورط في هذه الجريمة الشنعاء بحق جنود أبرياء أيها القتلة الفجرة..
إبراهيم مجاهد
جريمة تستحق استقالة الجميع !! 2198