تختنق الكلمات على شفاه كل اليمنيين الشرفاء لتغدو دموعهم التي ذرفت ناراً وجمراً سيحرق كل المتآمرين على وطنهم.. اليوم سماء صنعاء عابقة برائحة المسك ودماء الشهداء من جنود أبرياء وهبوا وطنهم أغلى ما يملكون.
مرة أخرى يضرب الغول الإرهابي(قاعدة أميركا) عمق صنعاء بصورة أكثر دموية وإجراماً وحقداً هذه المرة.. صباح جديد من صباحات اليمن يمطر دماً قانياً على رؤوس جنودها الآمنين وترابها الغالي لتغتال الأيادي الآثمة حياة جنود جل ذنبهم في هذه الحياة أنهم يمنيون أرادوا الوحدة شامخة شموخ عيبان وشمسان,فتتناثر أشلاؤهم الطاهرة ممزقة مدماة على جنبات هذا الإرهاب الأعمى دون رأفة أو رحمة بقلوب أمهات وآباء وأبناء لم يدركوا صباح هذا اليوم (أمس) أن القبلة التي طبعوها على وجنات عائليهم الشرفاء هي الأخيرة وأن ابتسامة هؤلاء قبل الرحيل هي ابتسامة الوداع الأخير.
من يجول بعينيه ميدان السبعين اليوم (أمس) وقد تحول إلى مجزرة بشرية سيرى عشرات الجنود الأبرياء وقد توزعت جثثهم وما تناثر من أجسادهم على أطراف الطريق الإسفلتية, فأي منهم لم يصل إلى مقصده اليوم (أمس) وأي منهم ليس له أن يعود عند المساء إلى أحضان أسرته.. وكم هي كثيرة الأسر التي ربما لم تدرك أن عماد بيتها أو ضفة حنانها أو معقد أملها قد أمسى شهيداً من شهداء هذا الوطن.
اليوم (أمس) وفي الوقت الذي تلذذتم فيه أيها المجرمون الغادرون بسفك دماء الأبرياء بثقافتكم الإجرامية التي رباكم أسيادكم الخونة عليها كوجوهكم القبيحة, هرع المئات من أبناء الوطن الشرفاء بعد أن سمعوا خبر عملكم الدنيء من شباب وشابات ونساء ورجال وكهول إلى مراكز التبرع بالدم لتقديم دمائهم وكل ذلك لأنهم يريدون بلادهم قوية منيعة على كل مخططاتكم القذرة ويؤمنون أن اليمن جسد واحد وقلب واحد.
امرأة خمسينية تصرخ بلهفة عند باب مركز التبرع بالدم حتى يشعر من يراها بغيرتها الوطنية أن كل من استشهد وأصيب هو ولدها وشقيقها ووالدها وهي تقول للكادر الطبي "أرجوكم لاتحرموني من هذا الشرف فلقد خرجت من منزلي لأتبرع بدمي" وشاب آخر يحمد الله بعد أن تمكن من التبرع بدمه ليسهم في إنقاذ حماة وطنه من الجرحى والمصابين.
نعم هذه اليمن وهذا شعبها الذي لن يتوه يوماً في وجهته لإعلاء اسمه في ساحات المجد والوطنية.
إرهاب منظم قادته من جديد قوى خارجية بأيدٍ داخلية عميلة إلى ميدان السبعين صباح اليوم (أمس) عبر هذه الجريمة القذرة التي استهدفت الجنود الأبرياء وهم يهمون بارتداء يوم يمني جديد وذنبهم الوحيد أنهم قرروا أن يحافظوا على الوطن في حدقات أعينهم وألا يستكينوا لكل المحاولات التآمرية الضارية والرامية لإخضاعهم وإلحاقهم بركب العملاء من الخانعين؛ ليطبق عليهم الجلاد الإرهابي شريعته الكافرة فإذا هو أتون من النيران يذيب أجسادهم الطاهرة في ومضة من زمن.
ثوان قليلة هي عمر الموت الذي غرز مخالبه النتنة في أجساد هؤلاء الجنود الأبرياء اليوم, لكنه عمر من الألم والوجع ما ينتظر أحبة الشهداء الذين قضوا في ميدان السبعين هذا الصباح الأسود, فماذا يقول دعاة الدين لزوجة تنتظر عودة زوجها وقد أفنت الصباح تعد له ما تمنى من أطباق شهية, وماذا يقول شيوخ الفتنة والضلالة لطفل ينتظر عودة أبيه من عمله ليساعده في مذاكرة دروسه وواجباته؟ بل كيف يبرر هؤلاء القتلة أعمالهم لكل أسرة يمنية قضى معيلها الوحيد اليوم , وكيف ستجيب أجهزة الأمن الخانعة لأميركا وقاعدتها حد الانبطاح؟ ..
دماء الأبرياء تسيل اليوم (أمس) في ميدان السبعين ونسوة هلعات هرعن إلى المكان تشتم كل منهن رائحة زوجها أو شقيقها أو والدها أو ولدها في الدم المسفوك، مدركة كل واحدة منهن أن قلبها لن يخطئ الوصول إليه.. إلى قطرات من دمائه أو مزق من جسده.. رجال كذلك يجلسون القرفصاء على جانب هذا المنظر المفجع والخراب الهائل يسرح نظرهم في الثياب الممزقة والأطراف المبعثرة وهم يدركون أن غالياً عليهم قد تناثر هنا وهناك.
غزيرة دموع الرجال اليوم على أطراف هذه المجزرة البشرية وكم هي عزيزة دموع الرجال.. عال نحيب النساء هناك وأي القلوب تصبر تحت وطأة عويل الأمهات وهن ينتحبن على فلذات قلوبهن.. نظرات واجمة وملامح يعلوها الخوف والروع والدهشة أمام مشاهد الدمار والدماء والجنود المتناثرة أشلاؤهم في كل جنب.
أناس تهرول بين الأجساد المبعثرة.. أنفاس تتسارع.. أرواح ترفع الدعاء وترتل الصلوات عسى الوقت يسعفها لإهداء يوم جديد لأحد الجرحى.. نعم كثيرة هي الأفئدة التي تمزقت اليوم في السبعين.. تزدحم الأسئلة اليوم في عقول اليمنيين على امتداد الوطن حول فكرة هذه الخديعة المزعومة(القاعدة) التي يروج لها أعداء يمننا الحبيب عبر هذه الممارسات الدموية ولكن لا إجابة لأي منها, فكيف يتوافق أن يبزغ فجر من عدالة الشريعة الإسلامية كما يدعي بها هؤلاء القتلة من بين أشلاء جنود يمنيين أبرياء ترامت على الطرقات دون وازع من دين أو أخلاق.
وأي ادعاءات كاذبة لتطبيق شريعة السماء يقودها جلاد حرم عشرات اليمنيين اليوم أبسط حقوقهم الإنسانية وهو حق الحياة والعيش الآمن؟.. أي شريعة هذه وقد اجتمعت(قاعدة أميركا) وأذيالها ليختاروا بأنفسهم مصير شعب كامل دون الأخذ بخيارات واختيارات هذا الشعب الأبي الرافض لكل محاولاتهم الدنيئة؟.
أرادت اليمن أن تحتفل بعيدها الوطني في وجه إرهابهم فكان هذا جزاؤها.. تفجير إرهابي دامٍ استهدف صمود أبنائها الشرفاء وعزتهم وتمسكهم بنهج الوحدة والتنمية والصمود والمنعة والوطنية.
دماء اليمنيين مقدسة.. تسفك مرة تلو الأخرى لتزهر كل ربيع أجيالاً جديدة تغدو مثلاً في حب الوطن وقوة الانتماء رغم أنوف عبدة الدولار من أصحاب النفوس الرخيصة.
نعم أيها الجبناء والمتآمرون مهما فجرتم ودمرتم وأحرقتم واغتصبتم وقتلتم وقطعتم وفتكتم وذبحتم, فلن تلين عزيمة جندي ينتمي إلى تراب هذا الوطن, لأن تراب الأرض سيغلي بدماء هؤلاء الشهداء والسماء ستنتقم لهم.. فهم في نعيم الجنان وأنتم وقود جهنم.
رحم الله شهداء الوطن والنصر والشموخ لليمن وشعبها الصامد وجنودها الأبطال.
Yonis210@hotmail.com
يونس الشجاع
صباح صنعاني برائحة دماء الشهداء الطاهرة!! 2203