تمتلئ صحافتنا اليومية بكل أشكال وأنواع الكُـتاب: فهذا الذي يأتي بلا شنب وهذا – أيضاً – بلا شنب.. ولكنه أتى بلحية.. وهذا بلا عقل.. وهذا بلا أي شيء!.
وهذا الذي لا يفرق بين كتابة (عرض) يقدم إلى مدير، وبين كتابة مقال موجه إلى القارئ. وهذا الذي يكتب منذ قرن، ولم يقف أي قارئ عند زاويته التعيسة.. وطبعاً لن يتنازل عن هذه الزاوية.. بل هو أضافها إلى (دفتر العائلة)! وهذا الذي لم يصدق أن احدهم أرسل إليه رسالة فنشرها كاملة في زاويته. وهذا الذي لا تصلح مقالاته إلا للف سنتدويتشات الشوارما.. وهذا الذي لا تصلح مقالاته حتى للف الشوارما، لأنها ستسمم الشوارما، وتصيب المواطن بالتسمم مما يستدعي تدخل البلدية لإغلاق عربية أو بسطة الشوارما وإغلاق فم الكاتب !
وهذا الذي لا يعرف أن يأتي إلينا إلا وهو محمل بـ (البروليتاريا) و(الراديكالية) و(السيسيولوجيا) والخرطيلوجيا!.. وأي كلمة يظن أن القارئ لن يفهمها.. لكي يوهمه أنه الفاهم الوحيد في هذا البلد وهناك من يدعي انه نصير المظلومين وعدو اللصوص الأول.. في المساء يكتب المقالات التي تهاجمهم.. في الصباح يقبل جباههم ! وهذا الذي يكتب لكي " يعيش ".. وهذا الذي يعيش لكي يكتب.
وهذا الذي يكتب (عبر مقالة عادية وبلغة تقليدية ومستهلكة وركيكة) مقالاً يطالب فيه بحقوق المواطن.. وينسى انه من حق المواطن ـ أيضا ـ أن يقرأ مقالة جيدة وجميلة.. لا أن يقرأ مقالته التعيسة! وهناك من يظن أن الناس لن يذهبوا إلى أعمالهم، ولن يتناولوا إفطار الصباح إذا لم يقرأوا مقالته هذا الصباح. ولا يدري أن الصباح يكون أجمل إذا أتى من دونها! وهناك من لا يترك أي حدث طارئ إلا ويكتب عنه..
وهناك نوع (مقرف) ومزعج يظن أن الكتابة شيء مكمل لوجاهته الاجتماعية، فيحاول أن يضيف لقب (كاتب) بجانب (الشيخ) و(الدكتور) و(......)! ولا تمنحه الصحيفة ريالا واحدا مقابل ما يقدمه من (مقالات).. بل هو الذي يمنحها آلاف الريالات لكي تقوم الصحيفة بتوزيع غباءه على جميع المواطنين العم (نزار قباني) يسلّم عليكم، ويقول لكم: الكتابة: عمل انقلابي! هل فهمتم؟!!
هشام عبد الرحمن الحميري
الأعمدة الصحفية 1713