تصلني رسائل كثيرة لا يجب أن تدخل من باب العيب والعار حتى لا تستقر في ذاكرة العادات والتقاليد وينسى أن لها بٌعداً دينياً قوياً لا يحتمل المزايدة أو البخس أو التضليل، رسائل من نساء ورجال يشكو كل منهم قسوة الآخر على صاحبه وتجاهل مشاعره وإسقاط حالته النفسية وزوابعه الفكرية على ذلك الشريك الذي يرفض بقاءه في خانة الظلم والغدر والتجريح.
فما هي الحياة إذا كان من يقسو علينا هو من سلمناه بأيدينا مفاتيح قلوبنا؟! وكيف تسير أيامنا إذا كان من يشاركنا كأس الحياة هو من يضع السم في شرابنا؟! وكيف نطعم للفرحة طعماً إذا كان من نحب هو من يرسم على شفاهنا معاني الألم والبؤس والشقاء؟! ما هي الحياة دون رضا الشريك وبلوغه درجة السعادة مع شقيق أفراحه وأحزانه؟! لماذا نقسو على بعضنا وفي أيدينا أن نبلغ المراد في كلمة دافئة بين يدي من نهوى؟! لماذا نتعمد امتهان الهم والتلفع بالحزن والخروج من دائرة الأٌلفة وفي أيدينا أن نضم أجنحتنا العابثة ونبيت في أعشاشنا آمنين؟!
في الحقيقة أتمنى عليكم قبل أن تغادروا منازلكم كل صباح أو تدلفوا إليها كل مساء أن تتأملوا عيني الشريك وتطبعوا على جبينه قبلة وفاء صادقة تجدد جريان الدم في شرايين العلاقة الزوجية وتثبط في طريقها هرمونات القسوة والهجر والحرمان العاطفي، حطموا القيود واسمحوا لهذه السيول المتدفقة أن تغمر صحراء الروح وتتسلل عبر شقوقها إلى ذاكرة اللقاء الأول وكيف كان لذيذاً ذلك الشعور الذي غزا قلوبنا لأول مرة في نظرة عابرة أو كلمة فاترة أو.. أو حلم جميل.
الحياة أقصر مما تتصورون وقد لا يأتي ذلك الغد وتلك الأمسية التي تجمعكم بمن تحبون إذا حال بينكم وبينهم الأجل، فهيا لا تترددوا بإرسال جُملة حب عاجلة لمن جعلوا من صدورهم مأوى لكم، ولا تحرموا من أراد لكم الحياة من سكرة عطفٍ تجثو على أعتاب قلوبهم طالبةً الصفح والغفران، لا تبخلوا بكلمات وردية تهمسون بها ساعة الاحتضار اللذيذ الذي تصنعهُ أيديكم!.
أرجوكم غلّفوا قلوبكم بالحب والنقاء والطهارة والوفاء لشركائكم، لأن الأمر لا يستحق العناء وخسارة الآخر، الاستقرار الزوجي يقود إلى الاستقرار المادي والاجتماعي وحتى الديني، كونوا أكر أكثر وتسامحاً، لا تحطموا قلوباً بنيتموها دهراً في دقائق لا وزن لها في كفّة المعروف والفضل الذي يجب أن لا ينساه كلٌ منكم تجاه الآخر.
قبل أن تغضبوا أو تبطشوا أو تهجروا تخيلوا عودتكم كل مساء إلى ذات الفراش مع ذات الشريك، تخيلوا لحظات العتاب والألم والقسوة والصد التي يمكن أن تتغشى قلوبكم جميعاً، هو وهي كلاهما يشعران بالحب لكن لكلٍ منهما طريقته في التعبير عنه، نعم لكن الطريقة الأساسية والأولية والهامة والضرورية في التعبير عن الحب هي الاحترام المتبادل الذي يمنع كلاً من الزوج والزوجة فرصة التعدي على كرامة الآخر كإنسان قبل كل شيء.
لا تذهبوا بعيداً هذا المساء، اشعلوا فقط شمعة صغيرة وأنصتوا بإمعان لدقات قلوبكم حتى تفتحوا أبوابها للقادم الجميل!.
ألطاف الأهدل
أشعلوا فقط شمعةً صغيرة!! 1890