قف على أقرب رصيف وتأمل كل ما حولك من جمال أو اجلس على أقرب مقهى واستمتع بفنجان قهوة متأملاً بعينيك هذا الغلاف الشفاف من حولك بكل ما فيه من سحر وفتنة لأن هذا سيدفعك للتعلق بمن خلق السماوات والأرض وسواهن بهذه الدقة وهذا الاقتدار.
عش لحظات الفرح كما تعتنق لحظات الحزن واستخدم لغة الحوار السماوية في كل اللحظتين، فهذا يجعلك أكثر إيماناً بالقدر.. كن قارئاً جيداً لكتاب الطبيعة من حولك وتعلم فن احتواء اللحظة واحتساء محتواها تماماً كما تفعل حين تجد بين يديك طعاماً شهياً، فتتناوله بمنتهى الاستمتاع واللذة.
لدينا قصور في التعامل مع كل ما هو جميل من حولنا، المرأة الجميلة تغرق في بحر من المعاكسات والشاب الوسيم يعاني التحرشات، والشجرة الجميلة يحتشد "المخزنون" أسفل منها تاركين خلفهم أرضية خضراء من البصاق والأوراق وقنانٍ بلاستيكية معبأة بسائل مائي أصفر من إفرازات الجسم، في صورة قبيحة لإعادة استخدام المخلفات البلاستيكية بأسوأ طريقة.
الطفلة الجميلة ترسل لتعبئة الحاويات البلاستيكية بالماء من مساجد الحارات والطفل الجميل يدحرج تحت قدميه أسطوانة الغاز هرباً من طعم الجوع، تمر فصول العام متتابعة والكل يشغل نفسه بلقمة العيش المغمسة بطعم العناء والتعب، حتى الذين تنام منازلهم في أحضان حديقة جميلة يرون من العيب أن يبذلوا شيئاً من الجهد والوقت لتأمل أوراق الأشجار ونكهة جذوعها والسفر عبر مسامها إلى عالم الكلوروفيل الأخضر.
أحترم ذلك الرجل الكهل الذي يمر يومياً ببزته الرياضية مهرولاً نحو الحياة والصحة والسعادة بكل ما أوتي من قوة، لدينا صورة مشوشة عن الحياة بالرغم من أنها قصيرة ويجب أن تمضي جميلة بكل ما فيها من قسوة عيش وظلم بشر ونكران ود وتكفير للعشير، أجرب دائماً أن أتحدث إلى الجماد فأجده نعم المنصب بعد أن عز صمت البشر وأصبحوا ينعقون بما لا يسمعون ويتحدثون عما لا يرون.. أرى في باب خشبي قديم في "باب موسى أو الباب الكبير" تجاعيد وقورة صنعتها الشمس والرياح وكفوناً لا مست هذه الأبواب ثم رحلت ولم ترحل الأبواب.. الحياة قصيرة جداً ومن العبث أن تمضي كلها في عناء، نعم تحمل هم أنفسنا وأبنائنا وأوطاننا، لكن ليس معنى ذلك أن لا تقف تحت زخة مطر أو تستلقي لترقب أسراب السحاب، تعود إلى بيت السماء قبل الغروب أو تنصت لحفيف الأشجار تهمس أشواكها عبر رسائل الريح في موسم لقاح عجيب.
هناك الكثير لنتأمله، فأرجوكم أن تفعلوا ذلك دائماً حتى تتغذى أرواحكم تماماً كما تغذون بالطعام أجسادكم.
لم أجد في حياتي لذة تعدل لذة تأمل آيات القرآن الكريم في لحظة هدوء ليلية، أقسم أنكم ستجدون أمامكم حدائق وجنان لم تتخيلوها من قبل، فلا تحرموا أنفسكم مثل هذه النعم لتبقوا أمام شاشات التلفاز أو الكمبيوتر كأعجاز نخلٍ خاوية.
ألطاف الأهدل
حين تجد الجو جميلاً!! 2056