قرأنا في كتب التراث العربي القديم الكثير من الحكايات والنوادر والطرائف العربية عن حياة العرب في تلك الأزمنة الغابرة، بعض هذه الحكايات والنوادر حقيقة صادقة استعدنا منها الكثير من العبر والدروس في وقتونا إلى الحاضر لدلالاتها ومعانيها الكبيرة والبعض الآخر من هذه الحكايات والنوادر خيالية غرضها التسلية والفكاهة والضحك..
وعندما نقارن اليوم حكاية مسمار جحا هذه الشخصية الفكاهية الأسطورية مع توقيع الرئيس السابق على المبادرة الخليجية نجد تشابهاً كبيراً بين الحكايتين ونحن لا يهمنا جحا كثيراً ولكن تهمنا حكايته لما تحمله من دلالات منطبقة على واقعنا اليوم.
فجحا باع منزله واشترط على المشتري تعليق مسمار في جدار منزله للذكرى فقط والمشتري وافق على أساس أن تعليق مسمار واحد لا ضرر من وجوده، لكن جحا بهذا الشرط استطاع من يدخل بيته في الوقت الذي يِشاء ويتناول طعامه في جميع الأوقات تحت حجة ومبرر زيارة مسماره المعلق في جدار المنزل.
هذه هي حكاية جحا وكان له مسمار واحد فقط، أما حكاية الرئيس السابق فلا تختلف كثيراً عن حكاية جحا سوى بعدد المسامير الكثيرة التي استخدمها في حكايته..
منذ توقيع الرئيس السابق على بنود المبادرة الخليجية في العاصمة السعودية الرياض التي جاءت كحل سياسي للفعل الثوري العارم الذي قام به أبناء شعبنا اليمني برجاله ونساءه وشبابه وأطفاله الذين خرجوا إلى ساحات التغيير مطالبين برحيل النظام وبناء دولة مدنية حديثة وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية والمساواة واحترام الآراء والأفكار المختلفة وتقبل الأخر والمطالبة بوطن يحقق الأمن والاستقرار والسلام، وطن لا يحتقر ولا يهين أبناءه ويرفع من شأنهم معيشياً واجتماعياً وتعليمياً وصحياً تحت سيادة الدولة الحديثة وهيبة القانون المطبق ومنذ هذا التوقيع على المبادرة من قبل الرئيس السابق وهو يحاول دق مسامير كثيرة في جدار الحياة السياسية اليمنية تحت مبررات كثيرة منها أنه الزعيم ورئيس المؤتمر الشعبي العام وهو القائد الأعلى لقوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي والأمن القومي والقوات الخاصة والحرس الخاص ومن حقه أن يظل رئيساً للجمهورية ما دام يسيطر على هذه القوات التي تأتمر بأمره وهو يعرف جيداً أن سيطرة أبناءه وأبناء أخيه على هذه القوات التابعة للوطن لا للعائلة سيفقده احترام الشلة الصغيرة التي بجواره أصحاب المصالح.
إن وجود الرئيس المخلوع في اليمن سيكون خطراً ليس على اليمن فقط، بل على الإقليم والعالم لأن مساميره المهترئة تحيط بالمبادرة الخليجية لإفشالها وبالتالي لديه الأمل للعودة إلى السلطة من جديد وهو ما نلاحظه من الدعم المقدم للقاعدة في محافظات أبين وشبوة، البيضاء والفصيل المسلح التابع للحراك الجنوبي ومشاكل صعدة وانطفاءات الكهرباء وانقطاع المياه بفعل فاعل والتقطع والنهب والقتل كل هذه الظواهر دليل على أن نظام الرئيس السابق يخلط أوراق اللعبة السياسية ولكن لن تفلح مؤامراته وألاعيبه المكشوفة، لان 24 مليون يمني يعرف هذه اللاأعيب وهو لها بالمرصاد ولن يستطع هو أو غيره إيقاف إدارة التغيير وإرادة الحق لدى شعبنا الذي قدم قافلة من الشهداء وروى بدماء هم شجرة الحرية والديمقراطية والدولة المدنية..
– معد برامج قناة عدن الفضائية
عادل صائل
مسمار جحا ومسامير صالح 2212