كثيراً نحاول غرس قيم جيدة ومبادئ عظيمة في نفوس أطفالنا حتى نصنع منهم قوالب إنسانية فاعلية تستوعب مشاعر المحيط الإنساني الإيجابية، ترفض مشاعره السلبية بناءً على فكرة دينية موحدة هي الأساس الفطري الذي خلق به الإنسان ويعيش عليه إلا إذا فعل الأبوان عكس ذلك كنت لا استوعب فكرة عنف الآباء على أبنائهم ولا أجد ما يبرر عنف الأبناء على آبائهم، لكنني وحين خضت غمار الحياة أدركت أن لا شيء فيها مستحيل، غير أنني لازلت أرتابُ في قضية هامة، رأيتها وسمعتها ولا استطيع أن أتقبلها وهي قضية تنشئة الطفل على الرذيلة لأني أعدها من الجرائم البشرية التي لاتُغتفر.
لقد سمعت أحد الآباء يوماً وهو يلقن طفلهُ الذي لا يتجاوز الرابعة ألفاظاً في غاية القبح مصحوبة باسكتش تفعيلي يعلمه الرذيلة صوتاً وصورة! هي واحدة من صور لا إنسانية شاهدتها عياناً خلال مرحلة حياتي وكنت أرجو الله دائماً بعدها أن يسدل علي وعل وأولاد لباس الشر، لأن تعرية الوحش الجاثم على صدور بعض البشر من سرابيل الستر يظهر أبشع عورة يمكن أن تراها عين بشر.
لا أدري أين رحلت الطهارة وأين ذهبت النقاء من خُلق البعض حين يغمسُ ألفاظه في وحل المفردات الساقطة حتى يصبحٌ متخصصاً في تلقيح الآخرين بها قولاً وفعلاً ومبتدئاً بأقرب الناس إليه، "أطفاله"!.
لا أعتقد أن أحدنا كأمهات أو آباء يريد لأحد أن يكون أفضل منه ومن الناس أجمعين إلا ابنه أو ابنته، فأين ذهب هذا الإحساس بحب التمييز للأبناء من قلوب هؤلاء؟ ثم هل يرى هؤلاء أنهم انجزوا كل مهامهم التربوية ولقنوا أبناءهم كل أشكال العلوم ولم يبقى إلا علم زوايا الجسد؟!.
أين نذهب بأبنائنا من طرقات وأرصفة موبوئة بمثل هؤلاء الذين تتدلى ألسنتهم من أفواههم وتبقى أذيالهم على الدوام مطوية!.
بما أجيب عن تساؤلات طفلي حين يسألني عن قائمة من الألفاظ الدنيئة التي يراها البعض موسيقاهم المفضلة؟! هل تكفي جملة "حبيبي، هذا كلام أسود"؟! في الحقيقة لم تعد كافية بعد أن قال لي ذات مرة يا ماما خلاص، أنا ما بخرج الشارع كله كلام أسود!.. أين هي مساحة الكلام الطيب الأبيض في حياة أطفالنا بعد أن أصبحوا يرون ويسمعون أساتذتهم الأجلاء خارج أسوار المدرسة يقولون بذات الألفاظ ويمارسون نفس الصفات؟!.
لازلت أدعو إلى أن أفضل طريقة تناسب هذا المجتمع هي فرض الغرامات المالية على كل من يستخدم تلك الألفاظ أمام الأطفال متعمداً دون وازعِ من حياء أو دين.
نحن بحاجة إلى سياسية تهذيب وتأديب وتشذيب بدلاً من سياسة النهب والترهيب التي لا تسمن إلا ضباع الأرض وثعالبها ودوابها الجائعة!
لوجه الله توقفوا عن جعل أجسادكم آنية خرقاء تنضحُ بالرذيلة لم نعد نجد لأبنائنا بيئةً تربوية نظيفة وآمنة لننشئهم كما ينبغي أن ينشأ طفل مسلم!.
ألطاف الأهدل
كلام أسود! .... 2458