هل يوجد قضاء في العالم يضرب عن العمل، أم أنه هو الذي صدر قراراته برفع مثل هذا؟
وهل ما كان يسير عليه القضاء اليمني كان بناءً على قوانين وتشريعات وقوانين نافذة؟ إذا كان ذلك كذلك فما كان على قضاتنا الأجلاء هو القبول بما تم مؤقتاً حتى يتم تعديل القوانين، مع أن ما هو مطالب من قبل القضاء هو شيء ضروري، حيث ما يعطي للقاضي الآن لا يكفيه والكل يعرف ذلك.
أما بخصوص إضراب القضاة عن العمل، فالمواطن اليمني هنا لا يلحقه ضرر، والقضاء في اليمن، يعمل ستة أشهر في السنة وستة أشهر إجازة وراحة ونؤكد ذلك بالآتي:
لو احتسبنا أيام السنة بالتاريخ الهجري تجدون أن عدد أيام السنة الهجرية "355 يوماً" أنظر تقويم هذه السنة.
الإجازات يوم أول السنة الهجرية (1).
(59يوماً) إجازات شهر شعبان ورمضان.
(10 أيام) إجازة عيد الفطر المبارك.
(يوم واحد) إجازة عيدال26 سبتمبر.
(يوم واحد) إجازة 14 أكتوبر.
(يوم واحد) إجازة 30 نوفمبر يوم الجلاء.
(يوم واحد) إجازة 22 مايو عيد الوحدة
(10 أيام) إجازة عيد الأضحى المبارك.
(1) يوم واحد إجازة عيد العمال.
(80) الراحة الأسبوعية الخميس والجمعة ثمانية أيام في كل أسبوع
1 +59+10+1+1+1+1+1+1+10+1+80= 167 – 355 = 188 يوماً.
يساوي بعد خصم الإجازات كما هو واضح أن عدد الأيام التي نظر القضاء فيها قضايا المواطنين مائة وثمانية وثمانون يوماً، ناهيك عن العطل التي تعلن عنها وزارة الخدمة المدنية في حينه، وكذا ما يحصل للقاضي من تأخره عن العمل بسبب مرض أو إجازة لأداء فريضة لحج أو إجازة إذا حصلت له مناسبة، وإن وجد هذا ذهبت السنة كاملة إجازة.
مع العلم أن جلسات المحاكمة لدى القضاة تؤجل بين كل جلسة وجلسة شهر ونصف أو شهرين في القضايا المدنية والقضايا الجزائية الغير جسيمة والقضايا الاستئنافية التجارية.
عدا القضايا التجارية في المحكمة الابتدائية في أسبوع إلى شهر ونصف شهر والقضايا الجنائية الجسيمة التي يوجد على ذمة القضية سجين.
ومن خلال ما طرحنا تجدون أن القضايا تأخذ سنين في محكمة أول درجة، ثم تأخذ سنين في محكمة ثاني درجة، ثم تأخذ فترة في المحكمة العليا.
وإذا عادت الأحكام وتقدم المحكوم له بطلب تنفيذ الحكم لدى محكمة أول درجة بدأت الجلسات والمواعيد وبدأ النزاع من جديد، مما جعل المواطن لا يطمئن إذا حكم له بإعادة حقه ولا يخاف المحكوم عليه، وهذا واقع وملموس لدى كل محكمة ولا يخفى على أحد، كما أن المواعيد التي تعطى من القضاة المطولة بين كل جلسة وأخرى تجعل بعض القضايا تمر عليها سنة قبل أن يرد عليها المدعى عليه على الدعوى.
مثلاً: تقدم المواطن بدعوى إلى المحكمة وتم قبولها واستوفيت الإجراءات وحدد لها موعد بعد شهر ونصف أو شهرين وتم إعلان المدعى عليه عبر المدعي للمرة الثاني عملاً بما نصت عليه المادة رقم "116" من قانون المرافعات والتنفيذ المدني رقم "40" لسنة 2002م، ويعلن الخصم للمرة الثانية ويؤجل الموعد إلى بعد شهرين ونصف، وإذا لم يحضر المدعى عليه في الموعد الثاني، تقرر المحكمة إحضار المدعى عليه بواسطة الشرطة القضائية وتؤجل إلى بعد الإجازة القضائية، وإن حضر طلب مهلة للرد على الدعوى وأجلت إلى السنة الثانية.
فهنا يتساءل المواطن اليمني: هل المطالبة من القضاة بحقوقهم وتحسين وضعهم واستقلالهم هل سيتحسن وضع القضاء ويلمس المواطن القاضي العادل القوى الأمين، ويرى القضاء النور في طريقه؟.
كما أنه في السنتين الأخيرتين عُين أكثر من قاضٍ في المحاكم الابتدائية وكذا تم عمل شعب إستئنافية زيادة لجميع القضايا ورغم هذا لم يلمس المواطن إنجازاً للقضايا، وإنما يرى جعجعة ولا يرى طحيناً.
وهذا مما جعل المواطن لا يتخوف من توقف القضاء عن العمل، هو موقف على ذمة قضية غير جسيمة ومرهون الإفراج عنه بعودة القاضي إلى العمل، أو من حصل عليه ضرر وقضية جسيمة مثل القتل وغريمه موقف لدى مأموري الضبط القضائي ويخشى هروبه، أو أن مرتكب الجريمة فار ولا توجد أوامر تصدر من الجهة القضائية بإحضاره قهراً، هذا الضرر فقط الذي لمسه المواطن، أما بشأن القضايا المنظورة والأحكام المراد تنفيذها فلا تخوف من عدم السير فيها لعدم البت من قضاتنا الجلاء.
ولكن إن شاء الله بوجود التغييرات وتحسين وضع القضاء والقضاة سيلمس المواطن الإنصاف، ويعطى كل ذي حقٍ حقه وتنظر القضايا بحسب القوانين النافذة عملاً بما نصت عليه المادة رقم (3) بشأن القانون المدني رقم (14) من سنة 2002م والتي نصت أن الشريعة الإسلامية مبنية على رعاية المصالح ودرء المفاسد عنهم والتيسير في معاملتهم وعدم تكليفهم بما يشق عليهم ويوقعهم في الضيق والحرج بما يخالف الشريعة الإسلامية.
والمعلوم أن القضاء المصيري لم يصحح إلا بعد أن قام باختيار الأشخاص ذوي الكفاءة والفقه للقانون والشرع من القضاة ومن أعضاء النيابة ومن المحامين وتم تعيينهم في سلك القضاة، وهناك وجد القضاء العادل.
وهنا وفي ظل التغييرات الجديدة وما نراه من وجوه مبشرة بالخير وخاصة فضيلة العلامة القاضي/ مرشد العرشاني ـ وزير العدل وغيره، آملنا فيهم كبير بعد الله عز وجل أن يعملوا على تحسين القضاء وإزاحة كل فاسد وتكريم كل مخلص ونزيه في عمله، وترك ما كان ملموساً سابقاً هو محاربة كل نزيه وإيقافه عن عمله لسب نزاهته، حتى نرى رجل القضاء القادر على تحمل المسؤولية، حيث والقضاء محتاج للقاضي الشجاع القوي الأمين.
وقد شاهدنا معالي وزير العدل عبر التلفاز في قناة اليمن الفضائية، وكان حديثه شافياً كافياً ونريد تطبيقه على الواقع وخاصة ما أثاره بشأن عما يثبت عن أخذ الرشوة والتهاون والتلاعب بقضايا المواطنين.
أحمد محمد الغيثي
حول إضراب القُضاة عن العمل 2692