تناقل الكثير من المثقفين والسياسيين نبأ تثبيت عمال النظافة بفرحة غامرة وكأنهم هم المستفيدون من هذا التثبيت لا ذلك العامل البسيط ممن ظل لسنوات يكافح شظف الحياة ويأكل لقمة عيشه من عرق جبينه الملون الألم ولو مرض يوماً ما ولم يقم بعمله لا يتقاضى أجر ذلك اليوم ولو مات؛ مات معه عمله, تلك الفرحة التي بدت واضحة لدى الكثير لم تكن إلا تعبيراً عن بهجتهم بانتصار قيم العدالة والحرية , كما أنها دليل على رقي المجتمع وتلاحمه على أسس أخلاقية نبيلة, بل ويعد اعترافاً رسمياً بآدمية هؤلاء الذين عاشوا ألم التهميش والإقصاء نتيجة نظرة دونية أسقطت عنهم أحقيتهم بالحصول على ميزات أساسية في مجتمع, وصل هذا التهميش درجة أصبح معها هؤلاء ينظرون إلى أنفسهم – هم- بدونية مؤلمة , فكانوا أكثر الفئات تهميشاً في المجتمع ونالهم أقسى أنواع الاستضعاف البشري , مع أنهم ثروة وطنية لو استغلت جيداً وتم تدريبها وتوظيفها في المجتمع ليس في مجال النظافة وحسب بل وفي مجالات أخرى متعددة, فهم لا يقلون عن الآخرين في قدراتهم ومهاراتهم لكنهم لم ينالوا حظهم من الثقافة والتعليم وساهمت الدونية الآنفة الذكر في صنع واقعهم المؤلم , لكننا على يقين أنه لو تم عمل دراسات لتوظيف إمكاناتهم الذاتية ودمجهم في المجتمع فسيكونون ثروة حقيقية، لا يجب أن نستهين بها، ستساهم في بناء اليمن الجديد, فحري بالحكومة أن تولي هؤلاء الاهتمام وتعيد لهم الاعتبار . وتثبيتهم كموظفين رسميين خطوة إيجابية عظيمة تعزز من انتماءهم الوطني وتشعرهم بقيمتهم الإنسانية، فلم تعد النظافة مجرد مهنة يحصلون من خلالها على لقمة عيش فقط , بل أصبحت مهمة وطنية رسمية, فجمال مدنهم وإشاحة ما يعكر صفوها ويشوه مناظرها هي مهمتهم الوطنية الأولى , ورأينا كيف غدا منظر المدن مقززاً حين غاب هؤلاء عن أعمالهم .
ونحن إذ نشكر حكومة الوفاق على هذا القرار الهام لنأمل أن يتم تنفيذه وفق آليات وضوابط واضحة تضمن عدم العبث به, وحتى لا يغدو أداة للفيد والبيع والشراء؛ والإقصاء أحياناً, خاصة إذا ما علمنا أن الفساد ينخر في هذه الإدارة الخدمية الهامة بشكل مخيف , ومازلنا ننتظر العديد من القرارات الهامة التي تقتلع الفاسدين وتنتصر للضعفاء والمساكين وتعطي كل ذي حق حقه دون اعتبار للمحسوبيات والجاه والنسب أو للون والمكان , وبهذا تنتصر تلك القيم النبيلة التي ظلت مغيبة لعقود مضت , وستظل الثورة اليمنية شعلة لا تنطفئ حتى تتحقق كافة أهدافها ويعود اليمن إلى أحضان المجد كما كان ذات زمان.
تغريدة..
مدينتك هي عنوانك وعلى جدرانها ملامحك وفي كل جزء منها شيء منك, فاحرص على أن تكون جدرانها جميلة وشوارعها نظيفة وسمعتها طيبة؛ وساهم في إظهار محاسنها التي تشبهك
توفيق الخليدي
عامل نظافة بمهمة رسمية 1849