مهما كان الفساد منتشراً في أروقة الدوائر الحكومية المختلفة فإنه لن يكون تأثيره أكثر من الفساد حين يعشعش في زوايا المحاكم، فالقضاء هو المرجع الحقوقي والتأديبي الذي ينبغي أن يتسم بالعدل؛ الذي يعد أساس الحكم وبه تنتصر الأمم وبدونه تتراجع وتفشل, ولذا كانت للقضاء هيبته وقوته في دول العالم المختلفة حتى تلك الكافرة والتي صاغت قوانينها على أساس دنيوي كان العدل أساساً في تلك القوانين, كما شدد الإسلام على أهمية العدل وبين مدى بشاعة الظلم فيقول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه (ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا..) ويقول تعالى (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة),وقد قيل :"إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة", وكان يزيد بن حاتم يقول:"ماهبت شيئاً قط هيبتي من رجل ظلمته, وأنا أعلم أن لا ناصر له إلا الله, فيقول: حسبي الله, والله بيني وبينك", وحينما بعث النبي معاذاً إلى اليمن قال له: (اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب), وجاء في الإنجيل "هكذا قال الرب: أجروا حقاً وعدلاً, وأنقذوا المغصوب من يد الظالم, والغريب واليتيم والأرملة، لا تضطهدوا ولا تظلموا" سفر أرميا.
إذاً فالظلم مدعاة لهلاك الأمم ودمار الأوطان وليس الظالم وحده فقط, ولو تحدثنا عن القضاء اليمني ومافيه من ظلم وكم تستغرق القضايا من السنوات حتى يبت فيها, وكم قصمت من ظهور مساكين؛ لبكت الحروف كمداً ولاحتجنا لكم هائل من الصحف والكتابات, فللظلم في هذا الوطن حكايات تقشعر منها الأبدان, وقصص حروفها آلام صيغت من دموع, وكما يقول العامة "إن كان غريمك القاضي فمن تشارع", لذا كان من الواجب إعادة النظر في القضاء وفي أهلية القضاة والعقوبات المترتبة على خيانة الأمانة وتقاضي الرشا في هذا الجانب الهام من حياة الأمة والذي يعد مرتكزاً أساسياً لقيام الدولة المنشودة, كما يجب تغليظ العقوبات على من ارتكب مثل هذا الجرم, فلن تقوم لنا قائمة ولن يستقيم أمر هذا الوطن إلا بالعدل واستقلالية القضاء استقلالية تامة ولهذا فشلت الدولة اليمنية كل هذه السنوات الماضية وهيهات أن ننتصر ونحن لا ننتصر للمظلوم ولقيم الحق والعدل والمساواة.
تغريدة..
قال أحدهم قديماً:
إذا جــــــــــــار الأمير وحاجباه *** وقاضي الأرض أسرف في القضاء
فويـلٌ ثم ويـــلٌ ثم ويـــــــــــــلٌ *** لقاضي الأرض من قاضي السماء
توفيق الخليدي
لهذا فشلت الحكومات اليمنية السابقة 1526