وصلت نرجسية "زعيمنا اليمني المحصّن" إلى ممارسة طقوس غريبة من "هلوسات" العودة لماضيه الرئاسي، وتجلت تلك الهلوسات بصور عديدة وفريدة، فتارة باقتحام القصر الرئاسي بأساليب المنتحرين سياسياً، وتارات أخرى، بارتدائه المحنك لبزته العسكرية وعليها رتبة المشير التي يستهوي به نفسه ويرض من خلالها نوعاً من نرجسياته المندثرة، عند استقباله للمشايخ ورجال قبائل شمال اليمن البسطاء ممن يحرص على التماسك أمامهم والظهور بمظهر الزعيم الأوحد القادر على زعزعة الأرض بإشارة من يده المرتعشة التي تعتليها هيبة تلك الرتبة المتوسطة لكتفيه المنهكين, ووصولاً إلى إعلانه مؤخراً باعتزامه تدوين مذكراته في كتاب قال إنه سيسميه "قصتي مع الثعابين" وهي بالمناسبة إهانة بالغة لكل أبناء الشعب اليمني الذي يصر على مواصلة توصيفهم بالثعابين الحيوانية في وقت يؤكد فيه - وعلى عكس كل مشاهير العالم الذين تفرغوا من أعمالهم السياسية والفنية والعسكرية وغيرها من المجالات، لكتابة مذكراتهم كإشارة منهم على توديعهم لذلك العمر الذي سيتفرغون للكتابة عن تجاربهم وذكرياتهم فيه، وبدء مرحلة جديدة من استعدادهم لمرحلة راحة النفس واستقبال هادم اللذات، غير أن نرجسية زعيمنا الأغر التي تقتاده للظهور الإعلامي بأي وسيلة أو طريقة كانت، دفعته إلى الكشف عن تلك المفاجأة السارة لأنصار في نظره- وفي وقت يؤكد فيه أيضاً أنه لن يترك عمله السياسي أو يغادر بلده الأم، كون نرجسيته التي يقال إنها أوصلته لمرحلة تعيسة يحرص من خلالها على الاستمتاع بمناداته من كل زواره "بفخامة الرئيس" مقابل ابتسامة عريضة منه تتبعها هز الرأس وإصرار مخيف على التمسك بمنصب رئيس حزب المؤتمر الشريك في السلطة، كما قالها مؤخراً عند تهديده – غير المباشر- للرئيس هادي بسحب وزراء حزبه من الحكومة ما لم يسجن باسندوة.. ولأن نرجسيته قد أوصلته إلى اعتقاد بأن حياته كلها مرهونة "بلقب رئيس".
وزعيمنا بذلك يتناسى أو لعله يتغابى- من باب تلك الزوبعة التي سبق وأن هدد بها معارضيه في حواره المتلفز مع "عربية" منتهى الرمحي، إن هو أجبر على ترك السلطة، مخالفاً بذلك الإصرار المقيت، أصول المشاهير في كتابة مذكراتهم، ومتجاوزاً مقتضيات حصانته المدججة ببنود تلك "المؤامرة" الخليجية القاضية بتركه العمل السياسي وتفرعه النهائي لكتابة مذكراته عن الثعابين والصراصير والجرذان والخفافيش والضفادع وغيرها من "الحيوانات اليمنية" التي منحته ثقة حكمها والتحكم بها وبمصيرها 33عاماً في نظره.
وعلى الرغم من أن نرجسية "زعيمنا اليمني البار" قد تكون أهون نوعاً ما وأخف وطأة من عنتريات الصريع الليبي أو أباطيل المخلوع المصري وغراميات الهارب التونسي، إلا أن لنرجسيات "عمنا علي" طرقاً وأساليب كريفة وفريدة تستدعي توقف المحللين النفسيين وجميع عرافي الأرض وكهنة التاريخ وسحرة العلم وقراء الكف لدراستها واكتشاف أسرار القدرات الفريدة ومغازي تلك المواهب القيادية الخارقة للزعيم اليمني الموحد والمروض في ذات الوقت لـ(25 مليون ثعبان يمني) طوال ثلاثة عقود من "حكمه" لحضيرة الثعابين اليمنية، بمن فيهم أيضاً تلك "القطعان الثعبانية" التي لا تزال - مع الأسف- تدعي "حبه" وإن كان طمعاً فيما تبقى لديه من فتات دسم يقال أنه يصرفه عليهم بسخاء "الزاهدين عن الحياة"، سعياً منه لإيصال "رسائل نرجسية"، مفادها أنه ما يزال الآمر الناهي في هذا البلد المنهك بفعل سياسته الحكيمة، وأنه ما يزال رئيساً لنائبه "الرئيس" الذي لم يتوار مؤخراً في مطالبته- بكل وقاحة سياسية- باعتقال رئيس حكومة الوفاق الوطني، كونه قد تطاول وأساء إلى زعامته الجسورة حينما حمله وأعوانه مسؤولية دماء مجزرة جمعه الكرامة التي شارك في حفل إحياء ذكراها الأولى.. معتقداً في باله المضنى اليوم بداية ويلات 33 عاماً من نتائج نكبات حكمه القاتلة لهذه البلد.
إن القيمة العسكرية لرتبة المشير التي يقدسها في هذه الفترة بالذات، لن تذهب هدراً منه وأنه بفضلها يجب أن يتحول إلى "رمز مقدس" وفق تصوره ومبتغاه.. وعلى أمل منه بأن يصبح قريباً بمثابة "اليمن المقدس"، الذي يجب أن لا يتجرأ أحداً على التطاول عليه حتى لو كان رئيس الحكومة نفسه، كونه أولاً وأخيراً زعيماً يمنياً وعربياً وإسلامياً جسوراً لا يستهان به وبحنكته ومنجزاته العملاقة، المبنية على قواعد التخلف المتين والجوع المبين والويل والظلم والقهر المهين التي حققها ليمنه التعيس بصورة من الحنكة والاقتدار لم ولن يحققها أحد قبله ولن يقضي على آثارها بالمقابل أحد بعده أيضاً، دون أن يريح عقله قليلاً للتفكير بضرورة احترامه للرأي الآخر كونه، قد فضل مواصلة مشوار عمله السياسي كرئيس "لحزب سياسي وهمي" يوشك على التفكك، والخروج للاستمتاع بالأموال التي شقى بها "شقى عرق طوال 33 عاماً من قيادته لتاكسي أجرة اليمن" كما قالها ذات مرة، وإراحة نفسه من ويلات ما صنعه بالإقامة في أي بلده يريد، بفضل مدافع وتعهدات تلك "الحصانة المباركة" التي يعتقد أنها قد وقته وأعوانه من شر المصير الحسابي المحتوم على كل قطرة دم سفكت ظلماً وعدواناً على شوارع بلد يعيش اليوم على مفترق طرق خطيرة ومتعددة، ويوشك أن يتفكك إلى دويلات على ذات الشكل والعدد التي سبق وإن رسم سيناريوهاته بنفسه، إذا ما عرفنا أن الجنوب يعيش اليوم تمدداً غير مسبوق للقاعدة تزامناً مع تدشين الحراك الجنوبي لمرحلة جديدة من النضال السلمي, وفي وقت يستميت فيه الحوثيين أيضاً في سيطرتهم ودفاعهم عن المناطق التي صاروا يتملكون زمام حكمها بطريقة وأخرى بفعل سيناريو الزعيم المتثمل في "التسيب الرسمي والإهمال الحكومي" وما يقابل كل ذلك من إصرار مفضوح للزعيم على مواصلة فنون لعبه السياسية القذرة، تارة من جامع الصالح وتارة من ميدان السبعين، ومروراً بحرصه النرجسي على عدم مفارقة شاشة التلفاز بأي طريقة وتحت أي مسمى كان "مراسيم تسليم السلطة، استقبال مهنئيه أحياناً وزائريه أحايين أخرى، توافد رجال القبائل لتهنئته، زيارات رجال المال والسياسيين، ترؤس اجتماع قيادات المؤتمر، عيد ميلاده السبعين، حفل الوفاء، حفل تكريم وهمي...إلخ، تلك المسرحيات الهزلية التي يحرص "زعامته" كما يحلو "لشقاة" قناته "اليمن اليوم" تسميته مؤخراً، على مواصلتها، بعد أن خسر رهان وأد الثورة والانتصار على الشعب رغم كل تلك الجرائم الوحشية التي ارتكبت بحقه طوال أكثر من عام ثوري على حكمه الحمضي القاتل وأكثر من 3 عقود على ماضيه أيضاً.
aldaare2000@gmail.com
ماجد الداعري
زعيم اليمن المقدس!! 2302