عندما انطلقت ثورة فبراير لتقول للنظام ارحل بكل سنواتك العجاف .. ارحل بكل أشكال صورك وفسادك ..ارحل فلم يعد لك مساحة حب أو شبر ود في قلوب تتحرك على الأرض وأرواح تعانق السماء .. لم يكن يعرف احد أن هناك من يدير خيوط سوداء بعد أن اقترب شباب فبراير من تحقيق ثورتهم ووضع أقدامهم على أول درجة النصر تبرز ظاهرة يريد صانعوها في الظلام أن يسيئوا لثورة الشباب والزج بهم في أتون صراعات وهمية مفتعلة مع أطراف أخرى أوجدها متضرر من ثورة فبراير .. فبعد أن هدأت تعز من لعنة حلت يوم أن جاءها "قيران" يمتطي صهوة إبليس ويتبعه "شياطين" النظام الذين صبوا جم قذارتهم وحمم قبحهم على المدينة ليل نهار وقتلوا من أبناءها المئات، منذ تلك اللحظات التي دخلت اليمن منعطفاً جديداً بسبب "المبادرة الخليجية" أسرع بغاة الشر إلى إذكاء أوار النار التي كانت قد بدأت تخمد في تعز وتعود الحياة إليها، أسرعوا وبثوا "وزغهم""1" هنا وهناك تعبث بكل جميل، وتركوا "شياطينهم" يتحركون في كل مكان لرمى قنبلة هنا وإطلاق رصاص هناك وتخويف " س"، وتهديد "ص" من أبناء المدينة الثقافية المسالمة في تاريخها وأبنائها .
تعز اليوم يريد قلة ممن نفتهم القلوب وبصقت في وجوههم الحرائر ولعنتهم جبالها وسهولها وشوارعها يريدون لها أن تبقى في خوف ورعب وهلع، يريدون لها أن تبقى في مساحة من الفوضى يخطط لها أشخاص يرون أن الثورة سلبتهم أدوات سحرهم ورمتها في البحر وألحقتهم بها فلم ترمهم في البحر بل قذفت بهم في مزبلة المدينة التي لازالت تنتظر المزيد من أولئك الحثالة الذين يريدون لتعز أن تسبح في مستنقع فوضويتهم ويريدون لتعز أن تتدثر الخوف والرعب بما يرتكبه جبناء بقايا "النظام" من أساليب وسلوكيات مستغلين خلافات وتباين الرؤى والأفكار بين بعض أبنائها، فيعمدون إلى رمي المدينة بقذرات عقولهم وخسة أنفسهم .
كل تلك التصرفات والصور التي تعيش فيها تعز من فوضى ورعب وقلق لازالت المدينة تعيش لحظتها وكان آخرها تلك الجريمة الشنعاء التي استهدفت نائب مدير المعهد السويدي "أصل أمريكي"، فراح ضحية تلك التصرفات الحمقاء التي يسعى النفر الظلوم في فكره وسلوكه لأن يرسمها في تعز، وقبلها كانت جريمة إلقاء قنبلة على منزل رجل الأعمال شوقي احمد هائل سعيد انعم ..
ملامح الفوضى وخيوط زعزعة الأمن والاستقرار في تعز هو جزء من مخطط يستهدف اليمن برمته وليس تعز فحسب، فتعز هدف البغاة الرئيس، فهم يدركون أن تعز كانت منطلق الثورة وأنها صمدت صمود الجبال الرواسي أمام صلف وعنجهية "قيران والعوبلي وضبعان"، وكل من سار على طريقتهم وفوضويتهم، تعز صمدت أمام قصف ورصاص معتوهي النظام، فزاد غيظهم عليها وزاد حقدهم ضد أبنائها ولذلك اليوم يكررون المشهد ولكن من زوايا مختلفة ومن أبواب متعددة بدؤوها بما لازلنا نراه ونسمعه من انتشار مظاهر مسلحة هنا وهناك، واعتداءات على شخصيات، وقتل من يرون فيه ضعفاً، وتهديد من لا يقدرون أن يصلوا إليهم، وبث الخوف والرعب بين الناس بأسلحتهم المتمنطقين بها ليل نهار في شوارع المدينة وأزقتها .
مظاهر حمل السلاح تكررت وزادت حتى بعد أن تشكلت حكومة الوفاق الوطني وأسندت حقيبة الداخلية لقحطان الذي قام بتغييرات أبرزها إزاحة "قيران" من أمن تعز ومع ذلك ظلت الأوضاع الأمنية تزداد كل يوم سوءً وسقوطاً .
استمرار المظاهر المسلحة هو ليس عجزاً بمن يدير أمن تعز فحسب بل هو نذير شؤم لحكومة الوفاق التي لو عجزت أن تحكم قبضتها على مثيري الفوضى والشغب بين الناس فعليها أن تعترف بعجزها ليتدبر المجتمع حاله ويتحرك فيشكل لنفسه لجاناً أمنية تحميه وتحمي مصالح الناس من "مخلفات النظام ".
تعز اليوم تجازى "جزاء سنمار""2" فتلاقي من بعض أبنائها العقوق، فيمارسون الفوضى على بساطها وفي جنباتها وفي مكان جميل فيها، تعز اليوم تنتظر آن تتحرك الغيرة لدى البعض، فيسرعون لإنهاء تلك المظاهر التي أساءت لتعز ولكل أبنائها، تعز اليوم غير تعز الأمس، بالأمس كانت عنوان الثقافة واليوم صارت عنوان القذارة التي يتعمد البعض إلصاقها بها، تعز الأمس كانت عنواناً للحب والسلام، واليوم تحول الحب إلى انتقام وقتل وسفك دماء وثارات دون رقيب أو حسيب .
رسالة أوجهها إلى المعنيين في الأمن بالمحافظة بأن يسارعوا لعمل تشبيك مع خطباء المساجد والطرح عليهم أو من باب المسؤولية عليهم كخطباء أن يقوموا بدور التوعية ونشر الوعي بخطورة استخدام السلاح أو التمنطق به في الشوارع والطرقات العامة وان يعملوا على تخصيص خطب الجمعة للأمر هذا فبدون شك ستكون لها آثارها الايجابية على أرض الواقع .
هامش :
"1"وزغهم:.جمع وزغة وهى السحلية الصغيرة، أو كما يطلق عليها "عنزاق – عنزقة "، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها .
"2"جزاء سنمار: سنمار مهندس مشهور بني قصر "الخورنق"للنعمان الأول بن امرئ القيس من أشهر ملوك الحيرة، فكان سنمار أكثر خبرة بما يهدم القصر، فتخلص النعمان منه بطريقة صارت مضرباً مثل بعد ذلك .
alhadi68@gmail.com
عبدالهادي ناجي علي
تعز و"جزاء سنمار" 2458