ثَمّةَ تساؤلات يثيرها الكثير والكثير عن أسباب استمرار أعضاء السلطة القضائية بتعليق الجلسات وبقية الأعمال؟ ولماذا أغلقت المحاكم والنيابات أبوابها أخيراً أمام المتقاضيين؟ وهل الترقيات التي صدر بها قرار جمهوري من الرئيس اليمني عبده ربه منصور هادي هي المطلب الوحيد؟ أم هناك مطالب أخرى؟.. ولكي نصل إلى الجواب عن هذه الأسئلة لا بد وأن ندرك جميعاً أن السلطة القضائية غير مستقلة ومخترقة من الداخل من قبل الأمن القومي والأمن السياسي والمخابرات بمختلف أنواعها وهي تعد من التوابع التي تتبع السلطة التنفيذية بل وصل بها الحال إلى أن تكون أشبه بشعبة من الشعب الأمنية التابعة للسلطة التنفيذية ولا غرابة فهذا ما كان عليه حالها في ظل نظام الرئيس السابق (صالح) حيث تشير المعلومات إلى أن ترقيات القضاة والتعيينات القضائية والانتدابات كانت تخضع لمكتب الرئيس ومخابراته التي ترفع التقارير بمن يستحق الترقية والتعيين في سُلّم القضاء ممن تكون ولاءآتهم المطلقة لله عفوا ليس ذلك !!! بل للرئيس ونظامه. فالتفتيش القضائي ليس له أي دور في مجال الإشراف والترقيات لمن يستحقها من أصحاب الكفاءة والنزاهة وكان عبارة عن ديكور لا يحلي ولا يحمض أو هو عبارة عن شمّاعة للإيهام بوجود تفتيش قضائي وإشراف وتقارير بموجبها يحصل القاضي على حقه في الدرجة. والحقيقة عكس ذلك، لأن عمله الحقيقي سُلب من قبل المخابرات بل أصبح أشخاص في القضاء مخبرون وضباط يتحكمون في شؤون أعضاء السلطة القضائية.
ولمّا اندلعت الثورة الشبابية وتحرر الشعب من رأس النظام العائلي تنفس أعضاء السلطة القضائية كغيرهم الصّعداء وبدأوا بالمطالبة بحقوقهم وصعّدوها بعد ذلك إلى ثورة القضاة ضد مجلس القضاء الأعلى الذي لم يكن سوى ألعوبة بيد السلطة التنفيذية وبيد المخابرات وقد انحصر دورهم بمأمورين ومنفذين لِمَا يأتي إليهم من مكتب الرئيس السابق ولذا فالقضاة محقون في مطالبهم وأهمها إقالة مجلس القضاء وانتخاب مجلس جديد من بين أعضاء السلطة القضائية وبذلك ستتحقق الاستقلالية وسيحصل أعضاء السلطة القضائية على كامل حقوقهم لان القضاء السابق مع احترامي للقضاة لم يكن قضاءً مستقلاً، بل كان قضاءً ضعيفاً هشاً مهمشاً لا يؤدي دوره المطلوب لاسيما وأن المتنفذين هم من كانوا يدورونه بالتلفون حتى أضعفوه وكم هو شيء جميل عندما تطورت المطالب إلى ثورة للقضاء ضد مجلس القضاء شادين العزم أن لا عودة للعمل حتى إقالته مصرحين بأن إقالته من أوجب الواجبات ونحن بدورنا نقول لا يكفي إقالة المجلس بمفرده لكي يصلح القضاء بل لا بد من تنقيته وتصفيته من العناصر الأمنية والمخابراتية حتى تعود له عافيته ويتمتع بحريته، فالعناصر المذكورة عليها أن ترفع يدها عن القضاء وأن تخرج منه وتعود إلى أوكارها في الوحدات العسكرية المرسلة منها حتى يُصبح القضاء اليمني مدنياً ومستقلاً وقوياً ونزيهاً.
إن الثورة الشبابية التي حررت الشعب اليمني من الاستبداد، ها هي اليوم قد أنجبت ثورات ضد المؤسسات الفاسدة ومنها ثورة القضاء ضد الفساد في السلطة القضائية وأود أن الفت انتباه الإخوة القراء وأعضاء السلطة القضائية الأجلاء إلى أن نظام الرئيس السابق لم يكتفي بقتل الثوار في عموم محافظات اليمن بالة القتل العسكرية التي تحت يده، بل إنه قد استعان بقاضٍ من زملائكم ممن يتبعون المخابرات للاستفادة بخبراته ليس في مجال تحقيق العدالة والإنصاف وحماية الحقوق وصون الممتلكات ولكن في التآمر والاتفاق والإعداد والتجهيز والتخطيط للعصابة الإجرامية التي قامت بقتل المعتصمين في مجزرة الكرامة بساحة التغيير بالعاصمة صنعاء حيث أُعِدّت الجريمة على ادوار منها عَقْدُ اجتماعين متواليين في منزل مسئول كبير من القضاة تعرفونه انتم ومن لا يعرفه ويريد التعرف على اسمه فليتفضل مشكورا بالاطلاع على تحقيقات النيابة بشان المجزرة حيث عُقِد الاجتماعان في منزله وبحضور كبار مسئولي النظام العسكريين والأمنيين والحزبين واسهم في متابعة الأدوار حتى تم تنفيذ الجريمة وكان شأنه لا يقل عن شأن المباشرين فيها ورضي المذكور لنفسه أن يتحول من قاضي القضاة إلى........ إذن وما دام والحال كذلك فلا يُلامُ أعضاء السلطة القضائية في ثورتهم هذه ضد الفاسدين في مجلس القضاء واللوم عليهم إن تراخوا عن هذا المطلب الهام ونحن نعتقد ونجزم أن ثورتهم هذه ستكلل بالنجاح وان مجلس القضاء يكون قد وعى الدرس تماما وسيستجيب لقبول المطالب خلال ساعات ومنها تقديم إستقالته العاجلة فالمسئولية تكليف لا تشريف واستقالة المجلس بنفسه خير له من الإقالة وباستقالتهم سيستريحون ويريحون، لأن ذمتهم لم تعد قادرة على تحمل المزيد وباستقالتهم سيتم تشكيل مجلس قضاء مؤقت حتى يتم تعديل النصوص الدستورية والقانون بشأن ذلك علماً بأن إغلاق المحاكم والنيابات قد اثر تأثيراً كبيراً على المتقاضيين وأصحاب القضايا المستعجلة والحقوق المنظورة والمحاميين ومع ذلك فعلى الجميع الصبر حتى تتحقق مطالب القضاة وأعضاء النيابة وتُرفَع أيدي الفاسدين ويصلح شأنه وبصلاح القضاء فائدة كبرى ليس لأعضاء السلطة القضائية فحسب بل للمتقاضين أنفسهم وبتحرر القضاء سيصل المتقاضون إلى حقوقهم دون تعب أو عناء ودون خوف، لأن القضاء القادم سيكون قضاء قوياً عادلاً مستقلاً وذلك ما يحلم به اليمنيون عبر التاريخ وحان تحقيقه اليوم بإذن الله تعالى.
المحامي/ أحمد محمد نعمان
القضَاءُ اليَمَنِي والوَاقِعُ المَرِيْر 1931