;
المحامي/ أحمد محمد نعمان
المحامي/ أحمد محمد نعمان

جُمْعةُ الكَرَامَةِ .. وأبْعَادُهَا القَانَونِيّة !!! (1) 1823

2012-03-22 17:09:09


 يوم استثنائي في حياة اليمنيين لن تنمحي من ذاكرة التاريخ ذلك أن يوماً كهذا يجب أن يُدرّس في المدارس والجامعات كي يكون شاهدا على طغيان وجبروت رأس النظام المخلوع ولأهمية ذكرى مجزرة جمعة الكرامة التي مر على ارتكابها عام حيث وقعت في 18/3/2011م فقد أحيا الثوار ذكراها على وجه الخصوص  والشعب اليمني على وجه العموم وأصبحت  حديث الناس في الصحف والمجلات  والقنوات الفضائية والمنتديات والمدارس والمساجد والمقايل وهي جديرة أن تحضى بهذا الاهتمام  ولان الحديث عن  أبعادها القانونية  شيق وجميل ومحبب إلى نفوس القراء فقد أحببت أن يكون الحديث عن ذلك في عدد من المقالات حيث نخصص هذا المقال لذكر وقائع المجزرة والاتفاق والإعداد والتجهيز لها أما المقال الذي يليه فسيكون عن التكييف القانوني لها وعلى كل حال فالمجزرة البشعة لم تكن آنية أو مفاجئة أو غير معد لها كما صور ذلك رأس النظام السابق أو وزير داخليته آنذاك حيث زعم الأول   أن أهالي  الحارات المجاورة للساحة هم الذين قاموا بتلك المجزرة ليصرف الاتهام عن نفسه ونظامه  وزعم الثاني  أن المعتصمين قاموا بعد صلاة الجمعة بهدم الجدار العازل وان إطلاق أصحاب الحارة للنار كان  ردة فعل  على ذلك  وهذه  مبررات واهية  أوهى من بيت العنكبوت لايقبلها عقل ولا يستسيغها منطقا وما أقبح الكذب وأحقر صاحبه لاسيما انه  وبالرجوع إلى تحقيقات جهاز النيابة التابع للرئيس السابق فقد أثبتت التحقيقات وشهادة الشهود ومحاضر الضبط واعتراف المتهمين المقبوض عليهم تورط صالح وكبار  القادة العسكريين في الأمن المركزي والنجدة والحرس والمخابرات والوحدات العسكرية بما فيهم وزير الداخلية السابق والبلاطجة بالاشتراك بمجزرة جمعة الكرامة حيث أن زخم الثورة  وتزايد أعداد الثوار وكثرة الانضمام إليها اقلق صالح ونظامه العائلي  فأصبح في حالة سيئة لا يستطيع معها النوم الأمر الذي دفع به إلى اللجوء  إلى التفكير في إخماد الثورة عن طريق العمل الإجرامي المخطط له والذي استغرق أسابيع للإعداد قبل تنفيذ الجريمة   ظناً منه أن قتل المعتصمين بساحة التغيير بصنعاء  سيُرهب الثوار في عموم اليمن وسيبقى هو  وحزبه  ونظامه العائلي في الحكم  وقد أثبتت تحقيقات النيابة ضلوع النظام السابق في ارتكاب الجريمة  حيث  تم الاتفاق والتآمر  والتجهيز والإعداد والتمويل والتسليح للعصابة المنفذة والمباشرة من قبل النظام المذكور وقياداته العسكرية والأمنية  والسياسية والحزبية والمدنية وبدأت فصول هذه المجزرة بعقد عدد من الاجتماعات من قبل القيادات  المذكورة منها اجتماعان  متواليان في بيت مسئول كبير في القضاء  المنوط به حل مشاكل الأمة  والفصل في المنازعات وإجتماع ثالث في صالة الزراعة وإجتماع رابع في منزل عقيد بالأمن وعضو مجلس محلي حضر الاجتماع الأول مع قيادات تابعة للنظام ومنها وكلاء جهاز الأمن السياسي وشخصيات قيادية رفيعة بالنظام السابق  لا داعي لذكر أسمائهم هذا ومن أراد مزيداً من التعرف عليهم فليعد إلى تحقيقات النيابة  وقد تم الاتفاق بالاجتماع الأول على تشكيل عصابة مسلحة سُمِّيت بــــ( لجان شعبية لحماية الحارات ) كما حضر هذا الاجتماع بعض عقال الحارات وفي هذا الاجتماع كُلف عاقل حارة الغدير الشرقية بالقيام بحصر وتجميع  أفراد لتكوين عصابات مسلحة  وفي الاجتماع الثاني الذي عُقد في نفس المنزل طلب المجتمعون من عاقل الحارة المذكورة إبلاغ أفراد تلك العصابة بالحضور إلى صالة الزراعة وفعلا تم الاجتماع فيها وممن حضر فيها رئيس الدائرتين (13ــ14) للمؤتمر الشعبي وتم تشكيل تلك العصابة في مجموعات ثلاث هي القاع والكسارة بالستين واللكمة  بقيادة ثلاثة بلاطجة وتولى محافظ المحويت الذي حضر تلك الاجتماعات تسليح من ليس  لديه سلاح بأسلحة مختلفة ومنها مسدسات (إكلاك)  وهذا النوع لايوجد إلا مع القوات الخاصة وبعض  ضباط الحرس والأمن المركزي  وتولى المسئول القضائي بالاشتراك مع المذكور بناء الجدار العازل في الشارع العام وفي الشوارع الفرعية وتم صرف مبالغ مالية للمسلحين  تتراوح ما بين ثلاثة ألف إلى خمسة ألف ريال يوميا   كما قام المحافظ بشراء الاسمنت والنيس والحديد لبناء الجدار المذكور والجدران الفرعية  حتى لا يتوسع المعتصمون في ساحتهم وبعد  أن وضعوا  خطة  واستكملوا التجهيزات  ومن ضمنها تجهيز مستشفى  مملوك  لعقيد يعمل في المستشفى العسكري ويقع في شارع  عشرين والقريب من الساحة وذلك تحسبا لما قد يحدث كردة فعل من قبل المعتصمين عندما تُرتَكب ضدهم مجزرة  من قبل تلك العصابة  على أن يتم الإسعاف الأولي إليه  ثم يُنقل المصاب  إلى  المستشفيات الحكومية ثم قام المذكورون بالدفع  بأشخاص للظهور أمام القنوات الفضائية اليمن وسبأ التابعة للنظام السابق  كي يقولوا إنهم من الحارة وأنهم متضررون من المعتصمين وتم تجهيز وتفريغ المنازل المجاورة  المطلة على الساحة والتابعة لقيادات في النظام إلى جانب استئجار بعض أسطح المنازل  من ملاكها   المؤيدين للنظام   بمبلغ  مائتين ألف ريال للسطح الواحد وبعد استكمال كافة التجهيزات بدأت العصابة المسلحة بالظهور في الحارة والشوارع وجوار الجدار  وفي مساء الخميس 17/3/2011م  توزع أفراد العصابة الأدوار لما تبقى  حيث قام بعضهم بشراء إطارات والبعض بشراء سلاسل حديدية  تُعلق عليها الإطارات على الجدار  كي  تُحرق كاملة   وشراء مواد مشتعلة  تينار وبترول وإزفلت  يوضع على الجدار   وعند الاشتعال تتصاعد أدخنة سوداء كثيفة تحجب رؤية العصابة المسلحة وهي تطلق النار فلا يتعرف عليهم المعتصمون وقام المحافظ  المذكور  وولده بإدخال أسلحة مساء ذلك اليوم بما فيها معدل إلى منزله وبعد ذلك التجهيز جاءت الأوامر العليا برفع قوات مكافحة الشغب   التابعة للأمن المركزي التي كانت متواجدة طوال أيام الأسبوع جوار الجدار لحماية المعتصمين   حسب زعمهم وقد تواجد المسلحون بكثرة بعد ذلك وقام ضباط بإبلاغ وزارة الداخلية والأمن المركزي عن وجود مسلحين  ينون الاعتداء على المعتصمين  فلم يتجاوبوا معهم وغلقوا هواتفهم وفي صبيحة جمعة الكرامة  قام ابن المحافظ المذكور بالاجتماع بأفراد العصابات من المجموعات الثلاث وقال لهم  أن دماء المعتصمين دم حنش (أي مباحة) كما حضر مصورون  تابعون لقناة اليمن وسبأ لتصوير ما سيجري من أحداث حتى يكذبوا قناة سهيل لأنها   تقول حسب زعمهم أن من يعتدي على المعتصمين هم العسكر التابعون للأمن وأضاف المصورون ونحن نريد نثبت العكس وأثناء صلاة الجمعة قام المسلحون  بوضع الإزفلت على الجدار وعند الانتهاء من الصلاة بالتسليم قام المسلحون بإشعال الإطارات بعد أن صبوا عليها المواد المشتعلة وكان المعتصمون يرددون شعاراتهم المعروفة  وبدأ المسلحون بإطلاق النار على المعتصمين ووقعت المجزرة وقد استطاع الثوار القبض  على سبعة عشر فردا من القتلة المباشرين على الرغم من استمرار إطلاق النار عليهم لمدة ثلاث ساعات  وسلموهم إلى الفرقة الأولى مدرع التي سلمتهم هي إلى النائب العام السابق الدكتور  عبدالله العلفي بغرض التحقيق معهم وهو بدوره   سلمهم إلى  السجن الحربي للتحفظ عليهم تمهيدا للمحاكمة  غير أن صالح ونظامه   قاموا بالإفراج عن جميع المتهمين وتهريبهم  من السجن الحربي ولمّا ظهرت  جدية النائب العام المذكور في التحقيقات  وظهرت خيوط تشير إلى تورط  صالح وقيادات كبرى في النظام عسكريين ومدنين  وحزبيين وسياسيين  بما فيهم وزير الداخلية السابق  قام صالح  بإقالة النائب العام وتعيين شخص آخر بدلا عنه وأثبتت التحقيقات تورط صالح   ونظامه  في المجزرة   ومن هذه الأدلة شهادة العقيد عبد الرحمن  حنش مدير امن أمانة العاصمة   الذي شهد لله بما في ذمته  وهو مشكور على ذلك    ولان شهادته كانت هامة ومؤثرة  تدين المتورطين من نظام صالح  تمت إقالته اليوم الثاني   ولبشاعة المجزرة  خرج الشعب اليمني  عن بكرة أبيه   محتجا ومنددا  ومطالبا  بمحاكمة صالح  وأركان نظامه المتورطين في ذلك   وقامت الدنيا ولم تقعد  كما أدِينَت المجزرة من قبل جميع الأنظمة العربية والدولية  والمنظمات الحقوقية وظهر صالح بالتلفاز معزيا للشعب اليمني واُسر الضحايا  مع انه هو وأركان نظامه من قاموا بهذه المجزرة ومعلنا حالة الطوارئ فالمذكور معتاد عليه فيما مضى  انه يقتل القتيل ويمشي بجنازته  لكن هذه المجزرة لم تحقق أهدافه المقصودة بل أسقطت نظامه سياسيا وأخلاقيا وتحول من رئيس لليمن إلى رئيس عصابة في السبعين ثم وضع لنفسه مبادرة  وقّع فيها على رحيله  عن السلطة  ورحل غير مأسوف عليه وإذا كانت  هذه هي نبذة مختصرة جدا من وقائع المجزرة  فما هو التكييف القانوني لها؟هذا ما سيكون بيانه في المقال القادم إنشاء الله .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد